وصلتني أراء مختلفة في الساعات القليلة الأخيرة بشأن ما جرى في الاحتفال في الساحة الكبرى في المنطقة الخضراء ببغداد لمناسبة “العيد الوطني العراقي”. قال احدهم انّ الاحتفال في مناسبة بهذا الحجم، اذا كانوا يقرون فعلاً انها مناسبة تستحق التكريم، لابدّ أن يكون له هيئة اعداد يترأسها في أقل تقدير وزير أو نائب رئيس الحكومة، وتهتم به جميع الفعاليات العامة في البلاد.
وقال آخر انّ الاحتفال غلبت عليه استعراضات مبتذلة لشخصيات لا يمكن ان تكون هي التي تمثل وجه العراق الذي يسعى للظهور مشرقاً ومبدعاً ومرتبطاً بالقيم الإنسانية والوطنية السامية بكل عمقها الحضاري، فالاحتفال حاصل في بغداد، وما أدراك ما تعنيه هذه الكلمة في العالم منذ قرون. وأضاف هذا القائل، بأنّ كل احتفال يحمل رسالة، غالبا ما تكون سياسية، بسبب مركزية الحفل والمناسبة معا، وانه لم يجد رسالة سياسية من استعراضات فتيات ليل “التك توك” سوى الإيحاء للعالم بأنّ الحكم العراقي واشتغالاته ليس نسخة عن ايران بالرغم من التماثل المشترك القريب في الاحتفالات العامة الدينية، وهنا لابدّ من افتراض وجود جهة ستستقبل الرسالة، مقابل ما تراه في ايران وافغانستان من تشديد القوانين التي جرى فرض حجاب النساء من خلالها. لكن البيانات الغاضبة التي صدرت لاحقاً في بغداد من جهات سياسية ذات مسحة دينية توحي بأنّ هناك مفاجأة حدثت ولم يحسب لها أي حساب في توقع ردود فعل العراقيين الذين يعانون من البطالة وسوء الخدمات وربما انعدامها أحيانا فضلا عن الإحباط الذي يتفشى في أوساط الشباب، وانّ ما حدث أضاف ملحاً على جروحهم وليس بلسماً كما يتوهمون.
كتب مواطن يقول انه لم يسمع من قبل بوجود “عيد وطني” للعراق يُعتمد في الثالث من تشرين الأول. وربّ مَن يرى انّ الضجة التي جاء بها الابتذال وهذا السقوط الذوقي حققت الغاية في اعلام الجمهور بوجود مناسبة العيد الوطني العراقي.
أي وزارة معنية بما يجري، وأي بلد يُغنى النشيد“الوطني” في يوم عيده “الوطني” محرّفاً مشوّهاً، على طريقة مطربة الحي المستوردة “ ناعماً مُنعماً» بدلاً من “سالماً منعماً».