لم يكن وقع المفاجئة من الموقف الامريكي تجاه عملية طوفان الاقصى غريبا ، فهي منذ اللحظات الاولى للعملية انحازت بشكل كامل الى جانب حليفتها الرئيسية في المنطقة اسرائيل واعلنت ادارة بايدن بدعم الجمهوريين والديمقراطيين على السواء في الكونكرس بانها ستقف الى جانب اسرائيل في حربها ضد حماس. بدأت خطوات واشنطن بشكل سريع وكأن الحرب على الاراضي الامريكية ، حيث اعلنت اولا؛ تحريك حاملة الطائرات جيرالد فورد الاحدث في العالم الى شرق البحر المتوسط لتحييد اي طرف آخر من الدخول للحرب. وثانيا؛ بدأت بحشد الدعم الدولي لاسرائيل. وثالثا؛ ارسال الاموال وفرق الدعم الاستخباري والاسلحة المتطورة والمحرمة دوليا الى تل ابيب عبر الجو. ورابعا؛ التعهد بتوفير كافة احتياجات الدعم للحرب على غزة وتدميرها. هذا ملخص الموقف الامريكي القبيح الذي لا يراعي تجاه مصالحه الستراتيجية لا حلفاءه من العرب والمسلمين ولا يراعي دعواته منذ اواسط سبعينيات القرن الماضي بانه الراعي الاول للسلام في الشرق الاوسط. ان صولة طوفان الاقصى التي اطلقتها حركة حماس يوم السبت الماضي لم تأتي من فراغ ، فالخيارات امامها اصبحت معدومة تجاه التعنت السياسي الاسرائيلي اولا؛ وسياسة التنكيل العسكري بالشعب الفلسطيني ثانيا؛ واستخدام اقسى انواع الاسلحة في مواجهة شعب اعزل ثالثا؛. ورابعا؛ وهو الاخطر تصرفات المستوطنين المتكررة في تدنيس مقدسات المسلمين تحت حماية الشرطة الاسرائيلية.
لم يكن تصرف حركة حماس انتحارا مثلما يصور البعض او منح فرصة لابادة الشعب الفلسطيني او قرارا خارجيا بل هو قرار فلسطيني يستحق الاشادة لانه خرج من رحم توالي المعاناة واستمرارها دون رقيب دولي او رادع اقليمي.
لقد كان لطوفان الاقصى تداعيات انسانية كبيرة على شعب غزة اولا؛ من كافة النواحي وعلى امكانات الحركة وقياداتها ثانيا؛. لكن هذه العملية البطلة كشفت زيف الجامعة العربية وتخاذل قادة الدول المجاورة عن نصرة الشعب المظلوم ولو بالماء والطعام والمستلزمات الطبية في موقف اقل ما يقال عنه انه مخجل وجبان ، مثلما كشفت لنا حقائق الايام الماضية موقف امريكي صريح دون خجل او مجاملة في دعم اسرائيل بكل ما تذهب اليه وتريد حتى لو ادى الامر الى ابادة شعب اعزل باكمله ، بما يؤكد ان امريكا لم تكن يوما راعية للسلام في الشرق الاوسط بل هي تراعي مصالحها اولا على حساب ايا كان في المنطقة ومصالح حليفتها ثانيا اسرائيل بكل ما اوتيت من امكانات وقوة.