مبدأ الثواب والعقاب مبدأ أقرته الأديان السماوية فها هي الجنة للمؤمنين وها هي النار للكافرين ..أي ثواب وأي عقاب ! وأنه لا تستوي الحسنة مع السيئة ، إنه حكم الله وعدله وشريعته .
ولا يخلو مجتمع من المجتمعات قديما وحديثا من مبدأ الثواب والعقاب وإن تفاوتت درجاته وإيقاعاته .
لعبت الأسرة دورها في نهج هذا السلوك وكان الأب لا يتغاضى عن أية أخطاء من لدن أبنائه لذا فهو يعاقبهم العقاب الصارم إزاء هذه الأخطاء وهو يجازيهم الجزاء الحسن ان أحسنوا ..إنه ليس إنتقاما من الأب حين يعاقب أبناءه بل هو الحرص عليهم وحب الخير لهم بأن يكونوا رجالا أقوياء في غدهم القادم ..وهذا ما جعل الأسرة متماسكة فيما مضى من الأيام .
أما المدرسة فكان الثواب والعقاب ركنا اساسيا من مهمتها التربوية والتعليمية ..ولم يكن العقاب إلا تقويما لسلوك التلميذ وتشجيعا لأداء الواجب المدرسي ، إنها مهمة ليست يسيرة على أية حال لكن الأستاذ يأخذ بيد تلاميذه ليجتازوا المشوار الدراسي بنجاح .
لقد حققت المدرسة أهدافها في تربية أجيال حملت شعلة العلم والأخلاق معا على ضوء سياستها في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ، إذ أثمر هذا المبدأ ثماره اليانعة ورسم ملامح الطريق لتلك الأجيال .
أما مدرسة اليوم فقد شذت عن هذا المبدأ وقلبته رأسا على عقب بعد أن فرضت تعليمات بإلغاء أية عقوبات على التلميذ مهما أساء الأدب أو تقاعس في أداء واجبه المدرسي وأن الأستاذ الذي يؤدب تلميذه يكون معرضا للعقاب وتشن عليه حملة ظالمة ..وهذا لعمري أكبر انتكاسة لواقع التعليم .
فإذا إنتقلنا الى واقع الدولة بكل مؤسساتها رأينا العجب العجاب في التعامل مع مبدأ الثواب والعقاب سيما في السنوات العشر الأخيرة ..فها هم اللصوص والقتلة والمفسدون أحرار فيما يفعلون جهرا دون أن تمتد إليهم يد القانون وليس من ثمة عقاب ازاءهم في الوقت الذي كان فيه القانون يفرض نفسه على الجناة أيام كان للقانون هيبته وسطوته ليكون العقاب رادعا لمن تسول نفسه بالإساءة للوطن .
وقد قيل في هذا الصدد ( من أمن العقاب أساء الأدب ) أما رب العزة فيقول ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) .