مع اننا كبشر نتعاطف فورا مع كل شعار يرفع بجنبة انسانية وكردة فعل طبيعية تنسجم وتتماشى مع روح الانسان الخيرة وغريزيته السمحاء .. الا ان شعار اوقفوا الحرب المرفوع في اغلب وسائل الاعلام يحمل بين طياته بعض الغموض .. فلماذا اوقفوا الحرب على سبيل المثال .. بدل ان يكون اوقفوا الحروب بكل مكان .. فان الانسان ضحية بكل زمكان .. سيما الشعوب منه .. بعيدا عن تبعات السياسة ومعطياتها وادواتها ومخرجاتها .. الاهم الفكر الانساني الحضاري الذي تسير بهداه البشرية وما ينتظر من قطار حضارته بلوغه واين سيصل بنا .. فلا فرق بين حرب وحرب .. ولا شرفية لدماء على حساب دماء اخرى ..
ثم ان الشعار موجه بشكل عام دون الاشارة الى الجهات التي تمتلك قدرة بدا الحرب وخوضها وايقافها .. فصناعة الحرب والسلام لم تكن يوما عبثية ولا قرارا شعبيا ولا ردت فعل لدعوات وتضرع ودموع .. بل هي ارادات سياسية واضحة المعالم في تقسيم حصص ما او رسم خرائط احدث لبقاع للعالم المنتشر من معمورته حتى شسع فضاءاته ..
اوقفوا الحروب في كل مكان .. دعونا نسهم معا في صناعة الانسان .. ونجدد حضارته بما يؤمن حياة الشعوب ويرشد العقل السياسي القائد كي نسير بمأمن من خطورة مستشرية قد يكون سببها طغيان او بركان في راس من يمتلك ادوات الموت والدمار .. سيما وان عالم الالفية الثالثة يختلف جذريا عن بقية العوالم السالفة .. فانتشار الاسلحة النووية والبايلوجية وما بعد الحداثة .. مما لم ينشر حتى الان .. يحتمل ان يكون مروع بل خرافي بل مهول .. في السحق والقتل والدمار والعودة بنا الى جذور التخلف في اعماق التاريخ ..
الخطاب يجب ان يوجه لوقف جميع الحروب … والدعوة بدل ذلك لسيادة السلام وتربع الامن في ربوع الانسان ومرابعه بكل اوجهه ومعانيه لا نستثني من ذلك احدا .. فالانسان اخ الانسان … بمعزل عن هويته ودينه وعرقه .. وثقافته .. وكلنا شركاء وخلفاء لاسلافنا ونسير باتجاه عقارب ساعتنا المحتومة التي نتمنى ان تكون خيرا وسلاما وامنا يعبر عن ابداع الفن واخلاق الشجعان وسير العظام ودماء المضحين .. وعبقرية علم العلماء ومدادهم الذي انار لنا الطريق .. وها هي البشرية تتوسم سماع صوت الضمير قبل ان يحتم المصير .. !!