في عالم تتسيده وسائل التواصل الاجتماعي والتي يتم توظيفها بشكل سلبي لمصالح شخصية وجهوية من خلال فبركة الاخبار والصور، والأمثلة كثيرة، حملات ضد استخدام اللقاحات، تكذيب الاكتشافات العلمية، الأعلانات التجارية غير المسؤولة، المنشورات والبرامج الهابطة، التسقيط المهني والشخصي.. الخ. ( د.محمد أوز، جرّاح قلب ومقدّم برنامج، يوظف خلفيته الطبية لتسويق “العلاجات المزيّفة” لتحقيق مكاسب مالية، عندما تمت مواجهته من قبل لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي حول ادعاءاته بأن العلاجات غير المجرّبة هي “معجزة طبية”، أجاب أوز بقوله: “أشعر أن وظيفتي الأساسية هي تشجيع الجمهور بدون أي اعتبارات أخرى “).

الاخطر عندما توظف سياسيا لطمس الحقيقة على المجتمع والسيطرة عليه، لذلك يواجه العالم ظاهرتين خطرتين من قبل الساسة ومنافقيهم وهما (الكذب والهراء “الهذيان”).. كنت أتوقع أن الكذب أخطر من الهراء، الا أن قراءة مقال للفيلسوف هاري ج فرانكفورت ميز بينهما.
الكذب هو معرفة الحقيقة ومحاولة طمسها بالتحايل، بين الهراء كلام أو كتابة أو رمز يفتقر إلى معنى مترابط، وقد يكون مرادفًا للعبث اللامعقول (الهذيان)، ويستخدم للاقناع فقط بدون إعطاء الحقيقة أي أهمية، لذلك “الكذاب” يمارس الكذب بشكل واع، ويخاف من أظهار الحقيقة وربما يتراجع أو يعتذر أو يبرر عندما يواجه بالأدلة من قبل الأخرين، بينما “الهراء” فلا يبالي بالحقيقة أصلاً، فهو يصنع حقيقته الذاتية مطمئناً واثقا بلا مخاوف وهدفه أقناع الآخرين فقط وربما تأخذه العزة بالاثم ولم يتراجع أو يعتذر مهما قدم له الاخرين من الادلة والبراهين (لذلك تجد بعض الساسة وتابعيهم يتكلمون عن إنجازات ووعود وهمية بكل قناعة في ظل استغراب وتعجب المجتمع!!).
الانظمة الدكتاتورية تمارس الكذب لانها لا تخاف كثيرا من مجتمعاتها..، بينما الانظمة الشعوبية والمؤدلجة تمارس الهراء “الهذيان” أكثر لان معظم قادتها وتابعيها يعيشون لحظات العزلة الشعورية عن الواقع.

ظاهرتا الكذب والهراء يصعب معرفتهما وتميزهما عند الشعوب الجاهلة والتي تتصرف تبعا لعواطفها وليس لعقولها، وعدم درايتها أن مصداقية أي فكر تتضح من خلال التطبيق، ولان الكذابين والهراءين لديهم اساليبهم الخاصة للوصول لنواياهم ومنها الغموض لأخفاء المضمون، واستخدام الشعارات الرنانة العشوائية لتشتيت الأفكار، والتعكز على نظرية المؤامرة لتبرير الفشل، والوعود المعسولة لتبديد المخاوف والتخدير المؤقت.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *