بعد نكبة فلسطين عام ١٩٤٨ إرتفعت شعارات بأن قضية فلسطين هي القضية القومية المركزية ..شعارات كاذبة لا تغني ولا تسمن من جوع ؛ وكل ما بدا هو ضعف وهوان بل هزيمة وخيانة . أجل لم يفعل الحكام العرب شيئا يذكر أمام إصرار العدو الصهيوني على التمسك بالأرض المغتصبة وما زادوا عليها من توسع في إحتلال المزيد من الأراضي ولا سيما بعد نكسة حزيران عام ١٩٦٧ ؛ لم يفعل الحكام العرب في كل السنوات اللاحقة ما يدعو الى التفاؤل وظلت الشعارات الكاذبة بمثابة أبواق مزيفة لا جدوى منها ؛ ثم بادرت أكثر من دولة عربية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني ؛ تناسوا المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين ومسرى رسول الله ؛ لم تأخذهم الغيرة ولا صرخة الضمير بما آلت إليه الأمور ومن تهجير لبني جلدتهم . واليوم تشهد الساحة صراعا شرسا بين المقاومة الفلسطينية وبين هذا العدو اللدود الذي راح يمطر غزة بقنابله دون رحمة مما اهلك المئات من المدنيين الأبرياء بما فيهم الأطفال والنساء ؛ وإزاء هذا المشهد المأساوي لم نجد ردة فعل لدى حكامنا العرب تستحق أن ننوه بها ، إنه الصمت المطلق والجبن والخسة ؛ لقد ماتت الضمائر أمام مشاهد تقشعر منها الأبدان . لك الله يا غزة بعد أن خذلك من هو محسوب على العرب ..فلم تحرك فيهم هذه الأحداث الساخنة أية مشاعر . أين نداء الجهاد الذي فرض على الأمة ؟ وأين هي القوة ورباط الخيل التي أراد الله بها أن نكون على حصانة وعلى وقفة شجاعة إزاء عدو يسخر منا وينتهك الحرمات ويفعل ما يريد ! …غير أنكم ما لبثتم صم بكم عمي وكان الأمر لا يعنيكم ؛ لقد غركم الكرسي اللعين فلم تعد لكم القدس شيئا ولا غزة ولا الخليل ؛ أين أنتم من صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من أيدي الصليبيين ! بل أين أنتم من أمرأء المماليك الذين حرروا بقاع الشام من أيدي الغزاة ! هكذا يكون السقوط وهكذا يكون فقدان الكرامة وعزة النفس ، فتوعدوا بغضب ولعنة من الله مع وصمة عار وإحتقار من لدن عموم الأمة .