عجيب امر هذا العالم الاوربي المتأمرك حد النخاع..
عالم، يدعي الانسانية، والدفاع عن حقوق الشعوب المنكوبة، ولكن هذا العالم سرعان ما ينقلب على (مبادئه الصورية)، فيتحول من اقصى اليسار الى اقصى اليمين، او حتى يستدير الى الخلف، من دون خجل او ادنى حياء،
واليكم الدليل..
عندما اعلنت روسيا الحرب على اوكرانيا، في شباط 2022، تداعت اوربا بقضها وقضيضها، تقودها الولايات المتحدة الامريكية، معلنة موقفها القوي الداعم لاوكرانيا، فالشعب الاوكراني، مظلوم، ويستحق الدعم، وتوفير متطلبات زخم المعركة ودحر الروس، الذين تجاوزوا كل الحدود، واعتدوا على شعب امن، وفورا بدأ الدعم الاوربي العسكري والمدني ينهمر على اوكرانيا،وبسببه تحملت اوربا، الكثير من المتاعب نتيجة توقف امدادات الغاز الروسي، فضلا عن القمح، الامر الذي تسبب في ازمة خانقة لتلك البلدان (الانسانية جدا) !!
وما زال الاوربيون يديمون زخم دعمهم لاوكرانيا، من دون توقف، تحت ذريعة (تعرّض الانسانية) للانتهاك!!..
ولكن (حماة الانسانية) هؤلاء، تتغير مواقفهم بطرفة عين، ازاء الاستهتار المزمن والمجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية، نهارا جهارا، بحق اهل غزة،..مجازر تنقلها الاقمار الصناعية عبر المحطات الفضائية ببث مباشر وكأنها حفلات صاخبة، ايدامها شواء الاطفال والنساء!!
فروسيا لم تُجرم بحق الاوكرانيين، كما يُجرم الصهاينة بحق الفلسطينيين، فما تشهده غزة اليوم، غير مسبوق، من مجازر ودمار شامل تسبب بمحو احياء بكاملها واستشهاد الالاف، فضلا عن نزوح وفرار اكثر من مليون انسان، اكثرهم من الاطفال والنساء والشيوخ، في مشاهد تدمي القلوب، ومع وضوح الرؤيا، واتضاح صورة ماتقوم به اسرائيل من جرائم بحق الانسانية، الا ان الاوربيين تقودهم واشنطن، يغمضون عيونهم، عن جريمة بحجم جريمة غزة، وبكل صلف يعلنون عن دعمهم المطلق لاسرائيل، سياسيا وعسكريا، غير ملتفتين الى مأساة غزة التي تعيش ظرفا صعبا، لاماء ولا كهرباء، ولا غذاء ولا خدمات طببة، وسماؤها تمطر قنابل وصواريخ، من دون ان يرّف لـ(انسانية) اوربا، جفن او يندى لهم جبين، من هول الجريمة والدمار الهائل في غزة، لا لذنب اقترفه اهلها، الا لانهم قالوا نحن مظلومون، ونريد ان نرفع هذا الظلم بايدينا بعد ان ضنّ علينا الاخرون بالعون..
وقطعا ان الموقف الاوربي هذا ليس مستغربا، فالكيان المسخ (اسرائيل) ما كان له ان ينشأ في رحم الامة العربية، الا عبر الدعم والتمكين، (الانگلو – سكسوني).
ولكن ايضا في المقابل، لعل لسان حال الاوربيين يقول، “نعم نحن ندعم اسرائيل بالمال والسلاح، وكل متطلبات البقاء على قيد الوجود، فهذا الكيان، هو شرطي اوربا وامريكا في منطقة الشرق الاوسط، ولن نسمح لاحد ان يمسه بسوء، فأرونا ايها العرب والمسلمون ماذا انتم فاعلون”؟؟!!
ومن المؤلم هنا، ان مواقف العرب والمسلمين، لم ترقى الى مستوى الجريمة الصهيونية، انما كانت في مجملها خجولة ومداهنة وحتى متوسلة، نستثني منها الموقف العراقي الذي كان صريحا وجريئا وشجاعا، على المستويين الشعبي والحكومي.
مواقف العرب مع وجود الدعم الاوربي المفتوح اعطت اسرائيل الضوء الاخضر في الامعان بجرمهم، وجريمتهم، لا بل الانكى من ذلك، هناك من وجه اللوم والتقريع للفلسطينيين، لانهم سعوا الى استرداد حقوقهم!!، وهناك من اغلق الحدود، لكي لاتعبر المساعدات الى غزة، وثالث كان “اكثر جرأة” عندما طالب بضبط النفس من قبل اهل غزة.، ولستُ ادري كيف يضبط نفسه مَن كانت سماؤه تمطر موتا وصواريخ؟!!!