بلدِ الأعماق، ينامُ مرتاح البال، لا يفكِّرُ بشيء، لا يُفكِّر بأحد، لا يطمعُ بشيء، لا يأسفُ على شيء. وعلى بعد خطوتين من الطريق التي سوف أسلكها بعد قليل، يظلُّ السؤال ذلاً ولو أين الطريق، فلا تَسَلْ عن سلامته، روحهُ فوق راحته. غير منتبهِ لانتصاب الملك فيصل الأول مرتدياً الزيَّ العربي، ممتطياً جوادهُ، مُوليَّاً ظهره لجسر الرصافة والكرخ، أكاد أسمع صوت الطبل والجوقة الموسيقية التي أحاطت بموكبه، وزينة الحاشية من حوله.

مستقبلاً الحقوقيين الملتحقين من عموم العراق وجميع الوزارات والهيئات المستقلة، بورشة العمل الخاصة بـــ (تصديق العقود والتعهدات والكفالات وفق المادة 9 من قانون الكتاب العدول رقم 33 لسنة 1998)، والتي أقيمت من دائرة التخطيط العدلي بالتنسيق مع دائرة الإصلاح/ معاونية شؤون التدريب/ قسم التطوير الإصلاحي، في قضاء أبو غريب، المنطقة الكائنة بين كليتي الزراعة والطب البيطري. لا يَقَعَنَّ في ظَنِّ الضيف الغريب، أنَّ شرارة العِلم خَمَدَت في تلك البراري الشاسعة وراء (أبو غريب). المروج الخضراء وأمواج الغنَم الأبيض انحسرت أمام التراب والغبار والشوارع الضيقة الترابية المُعبَّدة، يُرَحِّبون ويُقرونَه بالقليل وما بقي لهم بعد هَجَمات المستثمرين الجُدُد. وكما لن تَجِدَ شويعراً شعروراً متشاعِراً، لا يظنُّ نفسه أفضل الشعراء، لن تَجِدَ مطرباً شعبياً تافهاً لم يغنِّ إلا على السطوح وفي الشوارع المغلقة، لا يظنُّ نفسه أفضل من العندليب، كذلك لن تَجِدَ شعباً يرفضُ أنْ يُجرِّدَ نفسه من المجد، رغم كلِّ الخراب الناعم الجميل، كشعبنا الحزين! لا أحدَ ينكر أهمية الورشة والموضوع، والجهود المبذولة لإنجاحها، لكن لو، اشترطت وزارة العدل: الاشتراك الإلزامي بالورشة، لمدير القسم القانوني حصراً، بعد طلب أسمائهم وتقسيمهم إلى جداول طيلة أيام السنة. الحقوقي الملتحق حديثاً بالوظيفة، غير مهتم أو مختَّص بالورشة، وبمقدور المدير القانوني أنْ يقيم ورشة عمل لمرؤوسيه إذا أحسنَ الانتفاع من الورشة.

قد يقضي المشترك ساعة وساعتين للانتقال والاستدلال على موقع الدورة، متأخراً متعباً فاقداً الشعور بأهمية الورشة، ومن الصعب أنْ ينتفع المشتركون بالورشة إذا كانوا بأعداد كبيرة في قاعة كبيرة مع قِدَم أو تعطل أجهزة الصوت، وصعوبة الانتباه أو الاستماع إلى المحاضِر وهو يقرأ في كراسة قانون الكتاب العدول رقم 33 لسنة 1998.

تستوفي من المشتركين مبلغاً من المال كرسم للاشتراك بالدورة، يُمنحُ منه جزء مكافأة مالية للقائمين على الدورة، والمحاضرين ولاستئجار قاعة وتوزيع نسخ ورقية من المحاضرة ومن كراسة متن قانون الكتاب العدول رقم 33 لسنة 1998. كذلك تستوفي وزارة التعليم العالي مبالغ مالية قد تتجاوز المئة ألف دينار لكل مشترك بدورة في أقسام التعليم المفتوح.

قاعة وزارة العدل تسعُ سبعينَ متدرباً وكان المتوقَّع أنْ يصل عدد المشتركين إلى أكثر من مئة وسبعين! لكن العدد لم يصل! ولكان بالمقدور توزيعهم وجبات. قاعة تدريبية قرب ساحات الرمي والمرافق التدريبية لمعسكرات ميدانية خُصِّصَت لتدريب حُرِّاس السجون من 2007 أو بعد ذلك، في صحراء أبي غريب، مع غياب لدورات المياه أو أية خدمات أخرى، علماً أنَّ أجرة استئجار قاعة فندق قصر السدير أو غيره، كما يفعل اتحاد أدباء وكتاب العراق وغيره من الاتحادات والنقابات، وكلفة الإيجار لمدة يومين هي ثلاثمئة ألف دينار فقط، وسعر البوفيه المفتوح ساعة الاستراحة مع فواكه وحلويات ومشروبات باردة وساخنة، خمسة آلاف دينار للفرد الواحد. بينما يكون كل مشترك قد أنفق وقتاً وجهداً ومالاً للوصول إلى قاعة الورشة بالوقت المحدد، ربما …… ألف دينار!!!

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *