رحب البعض بالتطورات السياسية الأخيرة في العراق، والإتصال اللافت الذي جمع الصدر بالمالكي، وقد إمتعض البعض لأنه أراد أن يدفع الأمور الى المزيد من التأزيم، وأخفى البعض ردة فعله لكي لايحسب عليه موقف يكلفه ثمنا ما، ولكن الإتصال وفقا لمعادلة السياسة مهم جدا، ومريح للعملية السياسية التي عانت من إنسداد مقلق وصادم، وهذا بالطبع امر مختلف عن التوصيف المتعلق بإعتراضات المعترضين على الواقع السياسي، والذين يريدون تغييرا شاملا، ولكل حدث وقته وكيفيته، لكننا الآن في حديث عن تطورات إيجابية ومهمة يمكن أن تؤدي الى تهدئة، وذهاب الى وضع أفضل دون أن نغفل مطالب الشعب، وشباب التظاهرات، والفئات الإجتماعية التي تريد للعراق أن يكون مكانا ملائما للعيش من خلال إستثمار الأموال والثروات الطائلة في البناء والتطوير والنهوض الإقتصادي، وكذلك الإستفادة القصوى من التحولات الدولية الكبرى الحالية، وصراع الأقطاب التي يمكن أن تتحول الى مكاسب لو أحسنا الإستفادة منها.
البعض من الأخوة يكتب ويعلق معبرا عن زهو، ويصور الحدث بأنه نتج عن ضغوط خشنة من قائد الحرس الثوري الجنرال إسماعيل قاآني الذي زار العراق لمرات عدة، وكانت تلك الزيارات محل تأويل وتحليل، وهذا البعض في سره يتوسل ذلك الموقف المنتظر من السيد الصدر، ولكنه لايريد أن يكشف سعادته، ويخفيها، والذي أعرفه إن السيد الصدر ليس من النوع الذي يستسلم للضغوط مع وجود عناصر قوة توفرت لديه بعد الإنتخابات الأخيرة، وماتوفر لديه مسبقا من تلك العناصر وأهمها القاعدة الجماهيرية، والآرث الديني، وتغلغل الصدريين في مؤسسات الدولة، ومايظهره الفرقاء السياسيون من محاولات للتقارب مع التيار الصدري، لكن في المقابل فإن القوى الشيعية المنضوية تحت عباءة الإطار التنسيقي كان لها موقف قوي، ولم تظهر ترددا، ولاتراجعا في مواقفها، لكنها في الغالب كانت تبعث بإشارات عدة بضرورة وجود التيار الصدري ضمن المعادلة السياسية، ولايمكن الذهاب بعيدا من دون وجوده، وهو الأمر الذي أظهره التيار الصدري مرارا وتكرارا، ولكنه كان يقف على عقبة واحدة متمثلة بالخلاف العميق مع دولة القانون وشخص السيد نوري المالكي تحدبدا حيث عملت شخصيات مقربة من دولة القانون والتيار الصدري لوصل خيوط تفاهم بين الجانبين، وهو ماكان له الأثر الطيب في إحداث إنتقالة مهمة من هذا النوع، مع الإشارة الى موقف زعيمي عزم وتقدم الشيخ خميس الخنجر والسيد محمد الحلبوسي الذي أكد على أهمية التوافق الشيعي بالرغم من تفاهمهما مع التيار، ودليل ذلك إنهما تفاهما مع دولة القانون والفتح عقب إنتخابات 2018 وهذا يعني إن السنة يرغبون بتفاهم شيعي شيعي لإنهاء الأزمة طالما إنهما لامشكلة لديهما في العمل مع أي طرف شيعي، ويمكن القول إن الكرد ركزوا على هذا التفاهم حتى مع السنة حين تمنوا توافقا بين الخنجر والحلبوسي لتقربر تحالف سني يملك روية واضحة لحل الإزمة السياسية.
في النهاية فإن نجاح كل ذلك الجهد متوقف على صدق نوايا محاربة الفساد لدى الأطراف السياسية كافة، وتشكيل حكومة قوية، وليست خادمة للأحزاب، لأن حكومة لاتخدم الشعب لاخير فيها، ولانريدها، ولايريدها جمهور عزم ولاتقدم، ولاجمهور التيار ولاالإطار، ولا الجمهور الكردي. المهم هو خدمة الشعب، ومن لاينجح في خدمة الشعب فهو راسب في إمتحان الوطنية.