القدرة على استيعاب ما حولك وان تكون واعياً بذاتك ، واحدة من أصعب المهام. وأعقدها ، لكنك تتمكن من اكتسابها .
فهناك انماط كثيرة لبناء وعي جديد يرفض كل ماهو سلبي .
فواحدة من الخطوات المهمة في بناء الوعي هي قراءة التاريخ وفهم الحاضر والتخطيط للمستقبل .
فهناك جملة من الاسئلة لابد من سبر اغوارها .
ماذا نفعل من اجل ان نكون متواصلين مع تاريخنا وماضينا ؟
وهل من الضروري ان ننشأ ثقافة جديدة للتواصل ؟
كم من الخطوات الضرورية التي يجب ان نخطوها كي نستعيد السير بتوازن ونتصالح مع ذواتنا وتاريخنا ؟
هل علينا بناء وعي جديد كـ خطوة ضرورية وملحة ، لأننا بحاجة كبيرة الى بلورة ثقافة جديدة تصبح مرجعية للأجيال التائهة بين الماضي والحاضر ،فلا يمكن لأي مجموعة بشرية في العالم ان تنجز منجزاً إنسانيا بدون الوعي الحضاري بحركة الزمن الذي تعيش فيه ومعنى الوعي الحضاري هو التفاعل والانفعال والفعل بشكل إيجابي ، لذا لا يمكن ان نؤسس لحركة وعي جديد دون نتفاعل بفكرة ونفعل معها لكي ننتج الفعل الحضاري. فلا يمكننا ان نمج الماضي بكليته ونرفض الحاضر بكليته دون ان يكون هناك خط فكري معين و واضح ، ايٍ كان توجهاته ، ربما يكون الماضي ممجوجاً لا يستحق ان نتوقف عنده لكنه بالنهاية هو جزء من شخصيتنا وهذه حقيقة لايمكن إنكارها ولا يمكن ان نستبدله بماضٍ اخر لكننا قادرون على صنع الحاضر والمستقبل بالتأكيد لأننا نملك الأدوات والإرادة ، وهذا ما فعله الأوربيون أسسوا لوعي جديد مبني على العقلانية ، حينما تُبنى رب العقلانية الأوربية الفيلسوف رينيه ديكارت ( 1596-1650 )مهمة بناء وعي عقلاني ثم توالت التنظيرات وصولا الى ڤيكو و جان لوك وغيرهم .
ما عملوه هؤلاء عزل الدين عن الحياة العامة وخطأ ً يقال عن السياسة وجل ما عملوه هو جعل الدين حالة خاصة وعلاقة محضة بين الانسان والسماء لا دخل لها بالآخر وكرسوا ثقافة الذات التي تغلبت على ثقافة الاخر ، ولعل اهم ما نعاني منه اليوم كمجتمعات شرقية وبالعراق على وجه التحديد هو ثقافة الاخر ، لا نرضي ذواتنا بل يجب ان يرضى الاخر عنا ولو سحقنا على ذواتنا وتحملنا من اجل الاخر الصعاب ،
ثقافة القطيعة وهلامية الهوية أمراض لا يمكن ان تخلق مجتمعاً وتبني دولة ، لذا علينا ان ننظر للماضي بعين المُعتَبر المجرد من الأمراض والأوهام .