لو صادف إنسان شخصًا آخر مدمنًا على المخدّرات أو مقبلًا على الانتحار واستقرأ الموقف ورأى الفرصة سانحة آمنة للحديث؛ لا أظنه سيحبس لسانه عن الحديث معه بكلمة مفيدة وفي الأعم الأغلب سيحاول نصيحته بأن يكفّ عن الإقدام على الفعل القبيح.
وحينما نتخيل هذا الموقف لا يمكن أن يتبادر في الأذهان أنّه وباعتباره شخص واحد فقط فإنه لا يستحق الحديث، لأنّ بحياتنا الاعتيادية نعتقد أن كل شخص له قيمة وهذا الاعتقاد متجذّر فينا، والقيمة من ذاته وفي ذاته لا لارتباطه بشيء آخر.
لكن هذا ما لا نلحظه بمواقع التواصل الاجتماعي، فإن الفرد في المواقع لا قيمة له، ويتعامل الناس معه كونه رقم لا كونه إنسان له قيمة كما في الواقع.
ولهذا ترى المُحاضر (بأي مجال) يفرح حينما يأتي لمحاضرته ١٠ أفراد ويجلسون للاستماع إليه، بينما نفس هذا الشخص تراه تعيسًا حينما يكتب منشورًا ولا يتحصل سوى ١٥ لايك.
وأعزو هذا لأسباب أجهلها، لكن ما أعرفه أنّ للإنسان الواحد قيمة عظيمة، وأعرف أنّ أفضل مخلوق كان يعرف ما قيمة الإنسان الواحد حينما أوصى وصيّه وقال له: (فواللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم) وأعرف أنّ إنسان من اخترع الكهرباء وإنسان من اخترع الهاتف وإنسان من جمع شمال الأرض بجنوبها وشرقها بغربها من خلال الإنترنت.