أوبتيموس سيكون مدركاً للبيئة المحيطة به مثل سيارات تسلا تماماً، مع زيادة نوعية هي تزويده بأجهزة استشعار خاصة.
هياكل موازية للبشرية
هذه المرّة لن يكون الحديث بعيداً عن الحرب، ولا عن الحب ولا عن العقل والعقل الآخر. أما الأخير فهو ما بشّرتنا به شركة تسلا لصاحبها آيلون ماسك، بعد أن افتتحت خط إنتاج متفرع عن سياراتها الكهربائية الذكية، والمشروع سيقوم بإنتاج سلالة من ”أوبتيموس“ الرجل الآلي الذي يبلغ طوله 173 سنتمتراً ويزن 57 كيلوغراماً وسيعمل بفعل أربعين مشغل كهروميكانيكي.
لا قدرات بني أوبتيموس العضلية ولا مشكلة تحويلهم ملايين البشر إلى عاطلين عن العمل بسبب كون الآليين لا يتعبون لا في المهن الرفيعة ولا في الأعمال الشاقة، كل هذا لا يشغل تفكيري.
ما سيجعل من الأمر خطيراً حقاً هو ”المُدخلات“، وهي البيانات الرقمية التي ستقوم تسلا بتطعيم أوبتيموس بها، كي يحسن التصرّف مثل البشر، ولكن حتى يكون مسالماً عليه أن يلقّن القوانين، من قوانين المرور وإشاراته إلى قوانين التخاطب والجنايات، وكل هذا سيقوم بهضمه والتفاعل معه ثم التصرّف على أساسه.
ماسك يقول إن أوبتيموس سيكون مدركاً للبيئة المحيطة به مثل سيارات تسلا تماماً، مع زيادة نوعية هي تزويده بأجهزة استشعار خاصة. لكن عبقري تسلا أوضح أن ”سرعة أوبتيموس ستبلغ 8 كيلومترات في الساعة وستكون ضعيفة عن قصد، إذ سيتمكن معظم البشر من التغلب عليه إذا لزم الأمر“ مضيفاً قوله ”أنت لا تعرف أبدًا ما الخطر الذي يمكن أن يحدث“!.
نحن نعرف سيد ماسك، وأنت تعرف جيداً، أنك كلما طوّرت الذكاء الاصطناعي فأنت تنشئ هياكل موازية للبشرية، ليس فقط في مجالات الإنتاج، بل في عمليات المحاكمة. ومع الوقت هذه الآلات ستكون قادرة ببساطة، بحكم بحث مصنّعيها عن الجودة، على إنشاء محاكم حقيقية لمحاسبة الخارجين عن القوانين.
مثل ماذا؟ مثل الموقف الذي وجد ماسك نفسه فيه خلال الشهر الماضي، حين سارع إلى نجدة أوكرانيا وإتاحة الإنترنت الفضائي فيها مجاناً، ما الذي دفعه لفعل ذلك؟ خرق القانون الدولي الذي تم خلال الغزو الروسي للبلد الجار. وسط الدعم المعنوي الكبير الذي أظهره الغرب وهو يتحدث عن اقتراب سقوط كييف. تخيّل ماذا سيفعل أوبتيموس لو أنه قيد التفعيل الآن، ومكلّف ضمن شركات أمنية في أوكرانيا بحماية البشر أو المنشآت؟
كان سيعود إلى القانون الدولي، وسيعمل على تطبيقه، مهما كان الثمن، بالطبع هو مبرمج على احترام القوانين، ولا يمكنه أن يستوعب تلاعب بني آدم بها، ولا المؤامرات والاستدراجات ولا التوازنات التي يقيمونها. فالقانون هو القانون، الأخلاقي منه والمهني، ولا شيء سيوقف أوبتيموس عند ذاك.
هذا ليس خيالاً علمياً، ولا من قصص السينما، هي نتيجة حسابية بسيطة. فلا تغضب منا يا أوبتيموس حين تأتي تلك اللحظة الوشيكة المرعبة.