ما الحياة الا رحلة تبدأ بالميلاد وتنتهي بالممات ..والموت هو قدرنا جميعا لا مفر منه ، ومع ذلك فاننا نحزن حينما يطوي الموت تحت جناحيه احدا من الاحبة اذ القلب يخشع والعين تدمع ، أما الذي لا يحتويه الحزن فهي قساوة قلب .
وكيف لا نحزن حينما نفقد عزيزا علينا وقد ربطتنا به عشرة طويلة وذكريات مشتركة !
وكيف لا نحزن على قريب منا سواء كان أبا أو أما او أخا أو أختا قاسمناه الدار الواحدة والعيش الواحد بل الحياة الواحدة فضلا عن صلة الرحم !
انه من الوفاء أن يتماثل طيفهم أمام اعيننا في كل وقت وأن نستذكر أفعالهم بين حين وحين فلا تغيب عنا سيرتهم ومسيرتهم .
ان غيابهم عنا ضربة موجعة لمشاعرنا فهل يا ترى لنا القدرة على احتواء الموقف ام اننا نجزع الجزع الذي يتجاوز حدوده ! ان الحكمة تقول صبرا جميلا والاستسلام لقضاء الله .
ها أنت تفقد أباك وأنت بعد في أول الطريق .. ما هي ردة فعلك ! لا شك انك ستصاب بذهول يرافقه حزن عميق ، كيف ستمضي رحلتك ! لقد كان هو من يعيلك ويرعاك وينفق عليك ، فماذا انت فاعل من بعده ؟
وها أنت تفقد أمك الصدر الحنون لك وأنت بعد أيضا في أول الطريق .. ما هي ردة فعلك ! ستكون لك آهات وآهات ودموع وأحزان ، هي من أرضعتك وسقتك واطعمتك وسهرت الليالي خائفة عليك ،هي من كانت رحيمة مشفقة بك فأي جزاء يمكن ان تجازيها !
وها أنت تفقد أخاك جناحك الذي لا غنى عنه .. ما هي ردة فعلك !
ستجد نفسك كأنك في صحراء موحشة لا حول لك ولا قوة ، يحتويك ألم لا طاقة لك به ، هو من كان لك النصير والعشير ، هو من كان يقودك في خطوات الطريق ، هو من يسدي لك النصيحة ويريد لك الخير ، رحيما بك مشفقا ، فأية مكافأة يمكنك أن تكافئه بها !
وها أنت تفقد الأخت التي كانت تسارع في تلبية ندائك .. هي كانت الأم الثانية لك .. ما هي ردة فعلك ! هل يكفي الرثاء عليها وأن تذرف بعض دموع ! لا ريب انك لن تنسى جميلها معك وهي من كانت تحملك على كتفها وانت ضيف جديد على الدنيا ثم تناوبت مع أمك في السهر عليك ورعايتك حتى كبرت ، فأي عطاء يمكنك ان تمنحه لها بعد غيابها !
وها أنت تفقد الزوجة التي أرست قواعد بيت الزوجية ..امرأتك التي كانت سكنا لك ..ما هي ردة فعلك ! كيف يكون ذكرك لها بعد أن بدا الدار خاويا موحشا ، ماذا أنت فاعل بعد رحيلها !هي التي كانت واحة حياتك .. هي التي أنجبت لك أبناءك فرحت ترى بصمتها في وجوههم ،هل البكاء وحده يكفي أم أن القلب هو من يتوجع بصمت ، فأي دعاء تذكره لها بعد فراقها !
وها أنت تفقد ولدك الذي ليس لك غيره .. يا من كنت تهيم به .. ما هي ردة فعلك ! هل تريد اللحاق به أم أنك سترفع رأسك الى السماء تستجدي الصبر والسلوان ! هو من كنت تلهج باسمه في كل ساعة .. ها قد رحل لتشعر بطعنة اخترقت القلب ..هو من كان بلسم جروحك بطلعته البهية وابتسامته الرقيقة .. أين ستولي وجهك ! أية هدية ستهديها له بعد رحيله !
وخلاصة القول ان فراق الأحبة ليس أمرا هينا اذ هو يفعل مفعوله في النفس ليترك جروحا غير قابلة للنسيان .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *