التهيء والاستعداد،والإصرار على المواجهة وقبول التحديات وقهرها، والوصول الى درجة جيدة من النجاح والتقدم والاستقرار ،ذلك ما ظل هاجس الإنسان وخلاصة تفكيره ،منذ إن جعله آلله خليفته في الأرض من أجل اعمارها ونشر السلام في ربوعها، بالتظامن والمحبة والتآخي واحترام حقوق الأفراد والجماعات .
وماالشرائع والقوانين المنظمة لحياة الفرد والجماعة، والتي سنت منذ فجر التاريخ ،من قبل العراقين في بلاد الرافدين كمسلة حمورابي ،وشرائع الاغريق والرومان، وماحملته الأديان السماوية وغير السماوية عن طريق شرائعها السمحاء ،من وصايا وقيم تسامح وعدل ومساوة لخير دليل، على عمق وتجذر، ذلك الهاجس العظيم والهم الأكبر، إلا وهو كيف النهوض بواقع حياة الإنسان وتهيئة الشروط الموضوعية، لتحقيق وتطوير رفاهيته ومستلزمات عيشه ،بما يضمن له التفوق والظفر في قهر المعوقات ،وكل مايكبح جماح العقل وجبروته الصاعق، الذي يجترح المعجزات ،وكل ماهو مفيد للبشرية في مسيرة تحولاتها المهمة عبر التاريخ في النهوض والتمدن والازدهار.
نهوض الدول المتقدمة في العصر الحديث ،وانتظام بناء شعوبها وتماسكها وشموخ مؤسساتها، السياسية والتعليمية ،ومايتمتع به الإنسان فيها من حقوق وحريات، وكفاءة تقنية ومعرفية ،لم يأت من فراغ ابدا بل من اهتمام مركز ومكثف ومدروس بدقة، لامثيل لها بالإنسان وتنمية قدراته ،باعتباره أكبر رأسمال والوسيلة والغاية في الوقت نفسه ،وذلك بتنفيذ برامج تنمية بشرية وأسس وقواعد عمل شاملة ومحكمه، من خلال ورش عمل ودورات في مختلف الجوانب والشؤون، ألتي تتعلق باكتشاف مواهب الإنسان وصقل قدراته وتنمية وتطوير ابداعاته المختلفه، وتأكيد ثقته بنفسه والاعتداد بها، وإشاعة الجوانب الإيجابية فيها واضاءتها بعناصر الخير وحب الناس والوطن، واحترام الوقت والعمل والتفاني والاخلاص.
فلايمكن إن يخلوا أي إنسان ،على وجه المعمورة من تميز والمعية ،في جانب أو عدة جوانب فكرية وجسدية، وليس بالضرورة إن توظف تلك المؤهلات ويتصاعد تطورها إيجابيا، بما يخدم الفرد والمجتمع، بل قد تترجم سلوكا سيئا وعبئا ثقيلا على مسيرة بناء المجتمع والدولة ،هنا يأتي دور السياسة ومؤسسات الدولة الحديثة، بممارسة الدور الفعال في رعاية أبناء المجتمع ،خصوصا شريحة الشباب منهم بتهيئة مستلزمات انخراطهم بسهولة ويسر، في دورات للتنمية البشرية في شتى الميادين والاختصاصات، العلمية والإدارية والتنظيمية وتطوير اصحاب المواهب العقلية والفكرية، وتشجيعهم على الابتكار والإبداع، وهظم واستيعاب كل مايستحدث من علوم ومعارف، وكذلك المبدعين في مجال الفن والأدب والرياضه لأنها الداعم الأقوى في بناء الجانب الروحي والجمالي والذوقي والمعاضد لعمليات التحول باتجاه الدولة الوطنية الجامعة للكل.
ونحن في عراق الديمقراطية، فاننا اكثر من غيرنا حاجة إلى مشاريع التنميةالبشرية، من اجل إن ننجز مهمة تطورنا بنجاح، وأن نحتل مكاننا المرموق بين الدول الديمقراطية الحديثة، ونحقق مطامح شعبنا، في بناء الوحدة وتحقيق السلام والاستقرار والرفاه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *