يعد الاقتصاد المعرفي توجهاً استراتيجياً حديثاً يركز على دور المعرفة والتكنولوجيا في تعزيز التنمية الاقتصادية، وفي ظل وجود عدد كبير من الجامعات والكليات الخاصة في العراق ومع تزايد الاهتمام بالتعليم العالي والحصول على شهادات عليا يصبح من الضروري التفكير في كيفية الاستفادة المثلى من هذه الخبرات الأكاديمية لتحقيق التطور الاقتصادي. ففي السنوات الأخيرة شهد العراق تزايدًا في عدد الأفراد الذين يسعون للحصول على درجات عليا سواء داخل البلاد أو خارجها وهو ما يعكس التطور المتسارع في مجال التعليم وعلى الرغم من وجود عدد كبير من حاملي الشهادات العليا إلا أن هناك تحديات تواجه تحويل هذه المعرفة إلى قوة دافعة لتعزيز الاقتصاد. أن أحدى هذه التحديات الرئيسية هو غياب التركيز على مفهوم الاقتصاد المعرفي في النظام التعليمي حيث  يظهر نمط التدريس الاكاديمي الحالي نقصاً في دعم وتشجيع الابتكار وتبني التكنولوجيا والمعرفة ويعتبر هذا النهج عاملاً يؤثر سلبياً على تطوير المهارات والقدرات الابتكارية لدى الخريجين. يمكن القول إن هناك تهطلاً معرفياً في المجتمع، حيث تكون الشهادات العليا غالباً هدفاً لتحسين الرواتب الشهرية خاصة بين الموظفين الحكوميين. فيصبح هناك تحدي في كيفية تحويل هذا التهطل إلى مشروعات ومبادرات تعزز التطور الاقتصادي. ولحل هذه المشكلة يجب التركيز على تقييم حقيقي لأهمية حاملي الشهادات العليا في إسهامهم في اقتصاد البلد. فيتعين على الحكومة والقطاع الخاص التعاون لتشجيع الابتكار والبحث العلمي وتوجيه هذه الجهود نحو تطبيقات عملية تسهم في التنمية المستدامة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز التعاون بين الجامعات والصناعة وتشجيع على إنشاء مشروعات بحثية مشتركة ويمكن تحسين بيئة العمل لتشجيع ريادة الأعمال وتطوير المشاريع الناشئة والتي تمكن الخريجين على الابتكار وتطبيق معرفتهم في مجالات مختلفة.

في الختام يعتبر التحول نحو الاقتصاد المعرفي تحدياً حاسماً يتطلب تغييرات جذرية في النهج التعليمي والتنمية الاقتصادية. إذا تم التركيز على تطوير المهارات المعرفية والتشجيع على التطبيق العملي للمعرفة وهذا يؤدي الى أسهام حاملي الشهادات العليا بشكل فعّال في تحقيق التقدم وتعزيز اقتصاد العراق بشكل شامل.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *