مرات عديدة ، اسأل نفسي ، هل ما قام به « فلان « من تصرف غير منضبط ، تم بوعيه وارادته ، ام لا ؟ .. خصوصا انه معروف بين اصدقائه ومعارفه ، كونه انسانا يحمل كياسة ونبلا ، وحين اعجز عن الاجابة ، اترك الامر الى وقت لاحق ، لكني وانا في حيرة عدم الجواب ، المسُ و اسمع ان انسانا آخر ، ملأ الدنيا ضجيجا في تصرفاته الصبيانية ، بادر الى تقديم صورة ايجابية وانسانية عميقة المعنى في مساعدة ومعاونة آخرين ..
ومع هذه الحالة ، وتلك ، اين دور الوعي ، والا وعي في قيادة الانسان ، بشقيه الرجولي والانثوي .. ؟ ولماذا نتصرف ، أحيانا بوعي، وأحيانا دون وعي ،
اعرفُ ان الوعي ، هو الأساس لكل شيء، ولا قيمة لأي شيء بدونه ، اعني «وعي» التنوع والاختلاف ، فهو صفة فريدة للإنسان فقط بين جميع المخلوقات ، والابتعاد عن هذا الوعي يعني فقدان إنسانيتنا وانحدارنا لمستوى الكائنات غير العاقلة ، رغم انني الاحظ مؤخرا عند الطفيليين في مجتمعنا باتوا يحترمون الألقاب أكثر من الإنسان نفسه، فتيقنت ان هذا المجتمع اصبح يفتقر إلى الوعي الأدنى !
اذن ، ان بين الوعى واللاوعي، تختلف الصورة، وحتى نفهم أنفسنا، لابد أن نحللها، والأهم ، دوافعنا، وهى كامنة في اللاوعي، وكلما توغلنا في اللاوعي، واجهنا أنفسنا، وفهمنا أنفسنا أكثر.. انها دعوت لهذا الفهم ، ففيه تكمن كل العلل ، ولا غرابة في القول ان اللاوعي يجعلنا نطلق المشاعر والخبرات الكامنة ، في ذواتنا ، فنسعى الى معالجة القلق والاكتئاب والرهاب وعدم التكيف الاجتماعي ، لنكون أكثر تحملا وأقدر على تقبل الواقع ، وهذا ما اكد عليه « فرويد» .
وفي مسيرة الحياة ، تتجلى الحقيقة الكبرى ، وهي إن الحياة الإنسانية حياة مزدوجة، والحديث عن ظروفها نسبي ومركب، إذ يلعب فيها كلّ من الوعي و اللاوعي دورا مركزيا في سيرورة النفس البشرية .. ان الوعي هبة ربانية ، تعني ان لك حضوراً ذهنياً قوياً، يرتكز على قدرات عقلية عليا، منها الذكاء، والإدراك، والذاكرة…
مرحى للإنسان الذي يختار سلوكه بكامل الوعي ، لأنه ادرك ان المعرفة هي أساس الوعي ، ومؤكد ان الوعي المتأخر خير من الحماقة المستدامة ، وبسطر وجيز اقول : ان كل شيء يبدأ بالوعي، ولا قيمة لشيء من دونه.