تعرفت عليه منذ سنوات في قناة العراقية كمذيع لنشرات الاخبار وتقديم البرامج الرياضية … وقد عبق المكان الذي يعمل به بمخارج تدل على متبنى ادبي وموهبة شعرية فضلا عن سلوك متزن اقل ما يقال عنه انه يكتنز قيمة أخلاقية .. مع مرور الأيام اثبت ان سجاياه لم تكن مصطنعة بل هو جلي كما رأيناه في اول طلة وبقى كما هو من خلال طلاته المتنورة ..
على قاعة النخيل اصطف عدد من الاعلامين والادباء والفنانين وغيرهم من المحتفين بالاعلامي الشاعر نضير موقعا مجموعته الشعرية البكر ( ملح اسمر ) .. كل ادلى بدلوه بما يستحق حيدر .. فضلا عما ازدان به المشهد من قاعة جميلة جدا وسط خرائب بغداد .. مع انها انشات – كما قيل – منذ مدة لكني بصراحة لم اسمع بها واحضر ميدانها الا عبر اتصال نضير داعيا اياي لحفل توقيعه ..
الأجواء هنا كانت رائعة .. من مقدمة ومحاورة الحفل التي اضفت الى جمال المشهد الكثير مما ازدان به النص والالقاء وفي قاعة جميلة الديكور انيقة الأثاث ومعبرة بالارث ويشع منها عبق التاريخ العراقي .. ثم ما جاد به أصدقاء حيدر بمختلف فنون الشعر الشعبي والعمودي والحر والنثري .. مع مداخلات اثرت الحدث .. وتغلغلت بنفوس الحضور كل قراها وعاشها بطريقته الخاصة وخلفيته الثقافية ومنلوجه المندس في أعماق لا يمكن للاخر ان يطلع عليها .. هكذا جاء حصاد نضير بما يليق فيه ويسحق كونه من نوادر رجالات الاعلام الموسوعيين ومتعددي المواهب فضلا عما يتحلى به من خلق لم يكن محل شك لدى من يعرفون نضير داخل الحفل خارجه ..
حينما جاء دوري ومن على منصة معتقة بنخلة ، قلت : ( في تقديم سيرته وتعريف الحضور عن اعماله وبداياته .. ذكر حيدر بعفوية محببة صفق لها المحتشدون .. ان امه ما زالت تضربه وهو سعيد بتلك الصفعات المعنوية الحنونة .. وقد وصفت كلامه هذا بالتهنئة له ولامه في دلالة على ان العراق ما زال بخير .. ففي وقت اصبحنا نقرا الكثير من اخبار الاعتداء على الوالدين .. ما زال هناك الكثير بل الأكثر من يقبلون اياد واقدام الوالدين .. وحيدر منهم ) .
مع تعدد مواهبه ظهر من خلال شهادة المخرجين والاكاديميين وغيرهم ان حيدر من فناني المسرح الذين ينتظرهم دور كبير حينما يتعافى المسرح .. فضلا عن كونه راقص معبر في الدراما بذروة التراجيديا التي عشناها معاه وهو يلوك علينا بعض اهات وموشحات مجموعته ( ملح اسمر )..
ثم عرجت على احدى الدعوات الموجهة لي في دولة الامارات العربية قبل سنوات .. والتي سالتيني فيها إعلامية مغربية تعمل هناك عن اجمل بلد زرته في حياتي باعتباري صحفي واتنقل بين البلدان ، فقلت لها على وجه السرعة والدقة والتحديد : ( انه العراق ) .. وحينما شددت بانها لم تسالني عن العراق بل كوني صحفي عراقي عن رايه باجمل بلد زاره .. فقلت : ( انه العراق ) .. لم اكن متعصبا ولا مبالغا ولا ريائيا .. فبلدي العراق برغم كل جراحاته ما زال فيه الكثير من الخير والجمالات التي يعد حيدر نضير انموذج مضيء فيها وننتظر ونعتز ان يحمل بشرف ارث ابيه الفنان وجده الصحفي وها هو حيدر نضير يكمل المشوار .. ليس مهنة بفحسب .. بل رسالة ومهمة وطنية يرفع فيها راية الحق المعبرة عن اصالة العراقيين وتراثهم وحضارتهم برغم كل ما يحيطهم من اجندات واهات .