اخبرها الاطباء ان الصدمة ذهبت بذاكرته وقد لا تعود بزمن منظور او ربما ترجع له بصدمة كالتي تعرض لها جراء حادث السير لكنه سيستعيد وعيه بشكل تدريجي ويستطيع التعامل مع واقعه الجديد بعد تماثله للشفاء وتلاشي الرهاب الذي سببه له الحادث وعليها مراعاة ذلك ومحاولة بناء صداقة جديدة معه من خلال تواجدها شبه الدائم قرب سريره في المستشفى لتكون سببا في سرعة شفاؤه .
. كان كابوس الحادث يلاحقه ويمر شريط لحظات ارتفاع سيارته في الهواء ثم ارتطامها بالبناية وانحرافها نحو النهر وسقوطها فيه ويجهل كل ما قبله من حياته الماضية وعندما يتفرس في وجوه زائريه لا يتعرف الى اي منهم حتى بنته الاثيرة على قلبه التي كانت تنحدر دموعها وهي تراه لايعرفها ولا يتذكر حتى اسمها مما يسبب لها عذابات مضاعفة وكان عالمه يبدأ من استعادة الوعي على سرير المستشفى جاهلا العلاقة بمن يتسورون حول سرير مرضه ولايميز بين اسمائهم مستغربا اهتمامهم به ورعايتهم له وتوفير طلباته .
. يشغلها التفكير به عن كل شيء اخر ويؤرقها حاله الذي الذي وصل اليه وفقدانه الذاكرة وتخاف ان لا تعود له ذاكرته مما يسبب لها الما واحراجا وخسارة خصوصا وان كل بقية اهله تشترك أسماؤهم مع اسمه في السجلات الرسمية الا هي حيث لم يدون اسمها الا في سجلات قلبه ولم يطلع على سرها معه غيرهما مع ملاحظة الاخرين اهتمامها به وسهرها على صحته وتساؤلاتهم احيانا عن علاقتها به وسر اهتمامها بحاله ومواظبتها على ملازمة سرير مرضه .
. اختارت بضع عشرات من صور المناسبات التي جمعتهم معا وقامت بطبعها على ورق خاص بالصور ورتبتها بـ ( ألبوم ) صورهما معا في مطعم مشهور وصور على شاطيء النهر وصور لرحلة نهرية وصور في حفلة زفاف وصور جولة على الاقدام في ليل المدينة وصورهما في سيارته وهم يجوبان الشوارع ويتحدثان لبعضمها وصور من مناسبات مختلفة وحملتها له وعمدت الى وضعها على المنضدة قرب السرير باهمال واضح وكأنها ترميها او تتخلص منها ثم اهتمت بشانه واحتياجاته ورحلت بنفس وقتها المعتاد .
. اختلف اطباؤه في الاتفاق على اكتسابه الشفاء التام بعد اندمال الجروح وثبات فقدانه الذاكرة بوقته الحاضر لكن ماكان يقلقهم به هو ارتفاع درجة حرارته وبعض حالات الهذيان مع عدم وجود مرض عضوي يرفع درجة حرارة جسمه لذا قرروا التمهل بقرار اكتساب الشفاء وابقاؤه في المستشفى ايام اخرى اضافة لمشكلة اخرى يعانون منها وهي اين سيذهب بعد اخراجه من المستشفى وهو الذي لايعرف احدا من اهله واقترح الطبيب المشرف على علاجه وضعه تحت المراقبة لمدة عشرة ايام قادمة وتسجيل التغيرات التي تظهر عليه .
. في احدى الليالي العشرة جلس وحيدا بعد ذهاب زواره وحانت منه التفاتة للمنضدة فمد يده وتناول (ألبوم )الصور واخذ يتفرج عليها ويسرح معها وعبثا حاول الربط بين المرأة التي تعتني به وتزوره كل يوم وبين الاخرى التي في الصورة لكنه لم يفلح ودام على هذا الحال حتى ساعات الصباح الاولى ثم حمل الألبوم بيده وترك أشيائه المبعثرة وتمشى بين الردهات حتى قادته قدماه الى باب المستشفى الخارجي وهناك ضاع في زحام المتسابقين مع الصباح .