لست مع من مهنته و هوايته النقد الهادم و أقصى مناه الركض وراء رصد العيوب ، همه و سعادته رصد السقطات العاملين ، بئس الهواية هذه ، و بئس الحرفة هذه .
الشيء المعيب في عملية النقد أن يكون القصد من ورائه الهدم و تفتيت الجهود ؛ فيكون النقد حرفة و هواية لذاته ، و حين يتحول الهدف النبيل إلى فرية كاذبة القصد منها النيل من المنافس ، أيا كان ،هذا المنافس فتصبح المهمة تشويه الانجازات و تقزيم المبادرات ، تكون مجرد حرفة قذرة .
فإذا كانت مهمة النقد وظيفته الأساسية تقويم الخلل وتصحيح الاعوجاج، كمهمة ذلك النبي كان همه صلاح قومه، يبتغي من ذلك تحصيل المصلحة بوسيلة تربوية و ردت في قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)}.
هذا هو مطلوب شرعا و عقلا.
أن مهمة تقويم الوضع الفاسد الذي ينخر جسم الأمة الهزيل من فساد تربوي و اقتصادي و اجتماعي و أخلاقي مهمة كل العقلاء و المصلحين، واجبهم المساهمة فيه بأفكارهم و مبادراتهم، متسلحين بالإيجابية، يسلكون مهمة الطبيب مع المريض.
يتسلح الذي يسلك مهمة النقد البناء بالإخلاص في نقذه فلا يكون له هم سوى سلامة البنيان و سلامة النسيج الاجتماعي و مهمته تحصيل الوعي للمخاطر، مهمته تنشيط العوامل و الموارد الحية في اتجاه التنمية المستدامة ، قصد تحسين الأوضاع .
و حتى تكون عملية النقد فعالة و مجدية :
– أن يكون النقد في المخابر و المؤسسات.
– ألا يكون في الأضواء الكاشفة.
– أن ينصب في عمق الأفكار و المبادرات لا النوايا
– أن يحترم خصوصية المنصوح و أفكاره و قناعاته.
– أن يراعي الظروف و الأحوال و ساعات الشدة.
– أن يتحاشى الفضح و الإشهار
– أن يتجنب الاستعلاء و المكابرة
– أن يتزين بالجماليات كالثناء و الشكر لصاحب المبادرة و لو كان مخطئا.
– أن تكون خلاصته تطوير الخبرات و تفعيل المبادرات في الميدان تحصيلا للنفع العام .