تعطلت سيارتي قرب تقاطع جامع براثا التراثي الجميل، وبما أني لا أجيد فن ميكانيك السيارات، فقد توقف أكثر من شخص، وبعضهم عوائلهم معهم؛ وترجلوا من سياراتهم مستفسرين عن سبب العطل مبدين مساعدتهم.
أذهلني الموقف العفوي النبيل من هؤلاء أصحاب المروءة والنخوة العراقية، شعرت بالطمأنينة والأمان وأنا بين أخوة وأحباء وأباء وأبناء لم يسبق أن تعرفت عليهم من قبل، فعرفت ساعتها كم لي من أب وأخ وأبن وصديق؛ تيقنت حينها أني بين أهلي.
أنا على يقين وصدق راسخين بأن هذا الموقف قد حدث لكثيرين قبلي، وأكيد بكل إيمان سوف يتكرر مع آخريـــــــن، بل أنه يحدث كل يـــوم، وليس غريباً أن يحدث هذا من شعب اعتاد الكرم والاقدام بشجــــــاعة، هؤلاء يحملـــــون أمانـــة في ضمائرهم وهي المسؤوليـــة، لم يمليها عليهم أحد، وذلك نتيجة الوعي والادراك ولا أملك إلا أن أحــييهم بفخر، ولهم مني كل الاحترام والوّد والتقدير.
هذا هو شعب العراق الذي قال عنه الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:
هوَ العراقُ، سَليلُ المَجدِ والحَسَبِ
هوَ الذي كلُّ مَن فيهِ حَفيدُ نَبي!.