-1-

كانت قراءة ابن عباس للأحداث تقوده الى تحذير الامام الحسين (ع) من التوجه الى العراق خشية ان يلقى ما لقيه أبوه أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) وأخوه الامام الحسن المجتبى .

اسمعه ماذا قال للامام الحسين (ع)

« قد بلغني أنّك تُريد العراق ،

وأنهم أهل غدر ،

وانما يدعونك للحرب فلا تعجل ،

وانْ أبيتَ الاّ محاربة هذا الجبّار وكرهت المقام بمكة فاشخص الى اليمن فانها في عزلة ، ولك فيها انصار واخوان ، فأقمْ بها ،

وبثّ دعاتَكَ واكتب الى اهل الكوفة ، وانصارك بالعراق فيخرجوا أميرَهم فانْ قووا على ذلك ، ونفوه عنها ولم يكن بها أحدٌ يعاديك أتَيْتَهم ،

وما أنا لغدرهم بآمن ،

وانْ لم يفعلوا أقمت بمكانك الى أنْ يأتي الله بأمره فانّ فيها حصوناً منيعه

فقال الحسين (ع) :

يا ابن عم

اني لأعلم انك لي ناصح ، وعليّ شفِيقَ ولكن مسلم بن عقيل كتب اليّ باجتماع أهل المصر على بيعتي ونصرتي وقد أجمعت على المسير اليهم .

قال ابن عباس :

انهم من خبرتَ وجربتَ

وهم أصحاب ابيك واخيك وقَتَلتُك غداً مع أميرهم

قال الحسين (ع)

لان أقتلَ والله بمكان كذا أحبُّ اليّ من ان تستمل بي مكة

-2-

كان جواب الامام الحسين (ع) لابن عباس إسكاتيا حيث ليس بمقدور ابن عباس ان يقول له :

ولتنتهك فيك حرمة البيت، على أنّه (ع) أشار الى المبايعين له على يد مسلم بن عقيل وبهذا أقاموا عليه الحجّة .

-3 –

ولكنّ الحقيقة التي لم يستطع ( ابن عباس ) وابن الحنفية وكل مَنْ نهى الأمامَ الحسين (ع) من السفر الى العراق الوصول اليها هي انّ الامام الحسين (ع) كان قد صمم على المواجهة الساخنة للكيان الأموي الغاشم لاعتقاده انَّ هذا الكيان لا يمثّل الاّ الجاهلية وبالتالي فان الإسلام المحمدي الأصيل في خطر داهم ، ولابد من توطين النفس على خوض الملحمة الكبرى مع العتاة المارقين عن الدين مهما كان الثمن .

ولقد جاد الحسين (ع) بنفسه وبأهل بيته الابرار وباصحابه النجباء الاوفياء الابطال لازاحة ذلك الكابوس المرعب عن صدر الأمة الإسلامية

يقول السيد جعفر الحلي :

ولم يَرَ السبط للدين الحنيف شِفِا

الاّ اذا دَمُهُ في كربلا سُفِكَا

وقد كانت فاجعةُ الطف بأهوالها وأحداثها وما جرى فيها على اهل بيت النبوة الحديث المأساوي الكبير الذي هَزّ ضمير الأمة الخاوي وجعلها تصحو من سباتها العميق ، وتدع جبنها وانشغالاتها بنفسها عن دينها وكرامتها وعزتها .

وهكذا أسس الحسين (ع) مدرسته الشامخة التي لا تُبالي بالموت من أجل الرسالة والقيم المقدسة والإنسانية المعذبة

وهنا تكمن العظمة .

 

[email protected]

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *