أرى أن فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هي بحق الفترة الذهبية بما ال اليه أمر الكتاب في العراق ومصر والشام ؛ كانت الكتب والمجلات تأتينا من مصر الشقيقة ؛ فيها من ذخائر المعرفة والثقافة الكثير بأقلام ادباء ومفكرين لهم وزنهم وثقلهم منهم طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس وغيرهم . كنت أقرأ لهم الساعات الطويلة من اليوم دون ملل واستمتع بما لذ وطاب من الجواهر الثمينة التي يحملها الكتاب ..هكذا امضيت السنوات من تلك الفترة في مرافقة الكتاب حتى اعتبرت نفسي مدمن قراءة . وحينما التقي بأصحابي كان الكتاب محور حديثنا ..حوار هادف له ابعاده الثقافية والفكرية ..جيل حمل رسالة العلم والأدب متعطش للمعرفة أينما تكون ونهل من مصادرها الأجمل والأعذب . ومضت السنوات تعقبها السنوات ونحن على عهدنا مع الكتاب ومرافقته حتى دخل عالم الانترنيت حياتنا في السنوات العشر الأخيرة ليقلب حياتنا رأسا على عقب فهجرنا الكتاب ..أجل هجرنا الكتاب واأسفاه فكانت الضربة الموجعة لدنيا الكتاب الجميل ؛ وأصبح عالم الانترنيت هو شغلنا الشاغل نقلب صفحاته ونتطلع الى ما فيه من غرائب وعجائب يحمل في طياته الغث والسمين ورحنا نبحث فيه عما يرضي طموحنا وينسجم مع أفكارنا . وهكذا تغير الحال وسبحان مغير الاحوال …ولكن هل يا ترى سيكون هذا الجيل محظوظا بعلم ومعرفة وثقافة وهو يرافق صفحات التواصل الاجتماعي ام انه سيسئ الاختيار لينزلق الى صفحات لا تغني ولا تسمن من جوع ويهدر فيها حتى سلوكه …هي ذي المعادلة التي قد تكون نتائجها أخطر مما نتوقع .