ليس غريب ان نرى العجب العُجاب من بعض الذين زجوا بأنفسهم في المجال التشريعي والتنفيذي وهم لايفقهون شيء في الف باء الادارة و السياسة ، وليس بغريب ان نرى بوصلة التغيير التي كنا نصبوا اليها في الماضي قد بدأت تأخذ منحى مختلف، ومؤشرها اصبح ثملاً يترنح بين مسار واخر غير الذي كنا نطمح اليه ، بل الغريب والمستهجن ان نرى المسؤول يتبجح بأن له أفق عالي وسعة صدر حقيقية لقبول النقد اللاذع والبنّاء ، ويُنَظِر على انه مؤمن ايماناً قطعياً بالرأي والرأي الاخر ، بينما تراه يتقاطع بالطرح ويذهب الى شخصنة الامر مع صحفي يمتلك الصوت الجهوري والشجاعة لقول كلمة الحق بوجه سلطان حائر ليس جائر ، ولم يكترث بأنه اعلامي ينتمي لنقابة الصحفيين التي تعتبر المظلة القانونية التي يحتمي بها من احجار التهم الكيدية الباطلة ، صحفي لم يقوم بضرب المسؤول بالبيض الفاسد كما تعرض له نيكولاي ساركوزي او ماكرون او حتى توني بلير، لانه ببساطة يستمد قوة وشرعية مايقوله الى المادة ٣٨ من الدستور التي تكفل حرية التعبير عن الرأي، ولانه لا يمتلك من سلاح الا لسانه وقلمه .
والادهى من ذلك والطامة الكبرى ترى الازدواجية واضحة لدى بعض المسؤولين عند تعرضه لابسط اختبارات الصبر والمطاولة ،حتى في تعاملاتهم اليومية مع الناس المحيطين بهم، فترى انه سرعان ما يجتر جزء من رواسب الماضي والشعور بالغرور والعنجهية المفرطة التي كان بالكاد ان يتخلص منها خلال فترة تواجده في القارة العجوز ،لكنه على ما يبدو بأنها تبقى تطفو الى السطح مابين الحين والاخر ، ليكتشف انه قد انحرف عن مهمته الاساسية في مكافحة الفساد وادارة شؤون البلاد والعباد وانشغل كلياً بمهمة ملاحقة او مطاردة اعلامي او صحفي او محلل سياسي في شوارع بغداد، وكأنها لقطة فلم هوليودي من اجل حفنة من الدولارات ، يعكس ما نراه في شوارع تكساس لكن بطريقة بربرية همجية لا ينقصها الا سيگار وقبعة الكاوبوي وحانة يتجمع داخلها من يود الالتحاق بمعسكر خرق الدستور وحرية التعبير.
لابد من بناء منظومة اعلامية وطنية حرة ورصينة تحتمي بقوة الدولة والدستور، وضرورة الالتفات اولاً لتشريع قوانين صارمة بوجود ارادة سياسية وقانونية تدعم تطبيقها وتنفيذها على ارض الواقع، تستطيع من خلالها دعم تلك المؤسسة لتؤطر عملها بشكل يتناسب مع حرية الرأي والتعبير وعلى غرار ما هو موجود في الدول المتقدمة، ولان دعمها وحمايتها في الوقت الحاضر هو عملية دق لركائز فولاذية تستند عليها دولة المؤسسات ، واعتبارها الهدف الحقيقي الاسمى الذي يعبد الطرق المتهالكة والمتعرجة للعملية السياسية، لتمكين الحركة التصحيحية من صناعة راي عام نوعي ،كخطوة تمهيدية للتغيير المرتقب لاصلاح النظام السياسي ، عن طريق ازالة الفجوة والهوة عن طريق اخذ مساحة كافية من الحرية لاسناد الحكومة والقضاء في ملفات كثيرة منها مكافحة الفساد ، وبالتالي فأن تشخيص مواطن الخلل من قبل المراكز الصحفية قد يلاقي مضايقات حقيقية ودعاوى كيدية اخرى ربما تؤدي الى رفع درجة غليان الرأي العام بسبب تصرفات بعض الحاشية السياسية التي لاترتقي لمستوى التحضر والرُقي،خوفاً من الكلمة الحرة والصادقة التي تهز عروش الفساد ، لانها اصبحت مسؤولية وطنية واخلاقية تضامنية ليست حكر على الاعلام فحسب، بل هي مهمة مناطة بكل من يحمل الجنسية العراقية او المزدوجة .
انتهى …
عمر الناصر|| كاتب وباحث سياسي
خارج النص|| دعم الحكومة لحرية الاعلام والصحفيين هو تصحيح للمسار وتوحيد للصفوف عن طريق ايجاد مشتركات واهداف نوعية من اجل خلق قيادات تتصدى للعمل السياسي القادم في العراق.