عندما أكتب لكِ هذه السطور، أشعر وكأنني أكتب لنفسي أكثر مما أكتب لكِ، لأنكِ جزءٌ مني. منذ كنا صغارًا، كان حبنا يظهر من خلال خلافاتنا الصغيرة، لكن تلك المشاجرات كانت مجرد تعبير عن علاقة أعمق بين روحين لا تعرفان الفراق. وكل اختلاف كان يزرع في قلبي حبًا أكبر، وكل لحظة ألم كانت تثمر فينا سكينة جديدة.

اليوم، وبينما تمر الأيام، أعود لأتأمل في عمق علاقتنا. كما أن الأنسجة في الجسد تتطور وتنمو، أرواحنا أيضًا تظل مترابطة رغم المسافات. في كل مرحلة من حياتنا، نتجدد، نُشفى من الألم، كما يعالج الطبيب جرحًا في جسد مريض. وأنتِ، يا فاطمة، كنتِ وما زلتِ الطبيبة التي تهتم بروحنا قبل أجسادنا.

لقد علمتني الحياة أن كل غياب هو درس، وأن كل لحظة اشتياق هي علاج لقلبي. وأنتِ، بما أنكِ طبيبة، لا تقتصرين على علاج الأجساد فقط، بل تُبدعين في شفاء الأرواح. في غيابكِ، أدركت كم أن وجودكِ هو العلاج الوحيد الذي يحتاجه قلبي ليشفى من هذا الاشتياق. ألم تتساءلي يومًا، كما أنا أتساءل الآن، كيف أن الشوق أصبح الدواء الذي يُنقّي قلبي ويشفيه؟

أنتِ في غيابي، كما الجمال الذي لا يظهر إلا في أوقات نادرة، وكلما تذكرتكِ، أشعر وكأنني أستعيد نبض الحياة. فهل يعقل أن الشفاء يأتي من غيابكِ كما يأتي من وجودكِ؟ كيف يمكن للشوق أن يكون العلاج الأمثل للقلب؟

أنتِ، يا فاطمة، التي تداوين الأرواح وتزرعين السكينة في كل مكان، كنتِ وما زلتِ درسًا في الصبر والقوة. كلما مرّ الزمن، يزداد اشتياقي لكِ، كأنني أعيش في حالة من الغيبوبة الروحية، أتنفس الأمل في كل لحظة. كم أتمنى لو أكون بجانبكِ الآن لأتداوى من هذا الاشتياق الذي لا ينتهي.

وفي يومكِ هذا، أرسل لكِ أطيب تمنياتي بالصحة والسعادة، فكما تزرعين الفرح في حياة من حولكِ، أتمنى أن تظل لحظاتكِ مليئة بالسلام والطمأنينة. لكن ماذا يمكنني أن أقول؟ الكلمات لا تكفي لتعبير عن مشاعري تجاهكِ. وكل لحظة غياب تضاعف شوقي إليكِ، لذلك سأترك هذا الختام مفتوحًا، مفتوحًا كما هو قلب لا يتوقف عن الاشتياق:

“إذا كان الشوق هو المرض، فأنتِ الدواء الذي لا يعرف الزمان.”

كل سنة وأنتِ بخير، يا أختي، وكل عام وأنتِ نبض قلبي الذي لا يموت.

بحب عميق لا تضعفه السنين، وبروح تسكن كل جزء في حياتكِ، أخوكِ الذي لا يمر عام دون أن تزداد مكانتكِ في قلبه.

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *