لعل ما يمكن تأشيره في عراق ما بعد التغيير شيوع ظاهرة “الزعيق السياسي” وفوضى التصريحات المتباينة وخلوها من المصداقية والوضوح التام على مقامات “انا اتكلم اذن انا موجود”   ,تكون سمتها بالغالب محاولة إقناع الآخر المتلقي  بمنجز  جلل من نسج خيالهم السياسي المشبع بالأوهام  والذي  لا سبيل لتحقيقه بغية الضحك على ذقون البسطاء واستدراج الناس و”التمسكن” لهم بأطلاق الزوابع الفنجانية التي سرعان ما تضمحل بعد نهاية كل لقاء سمج يتحدث به سياسيو اليوم والذي  يميل  جله  إلى النزعة الطائفية  وصب الزيت على النار وبالتالي ينعكس تصعيداً امنياً وسياسياً وتجذير لظاهرة الكره الجمعي بدلاً من إشاعة ثقافة الحب والسلام والإخاء بين أبناء البلد الواحد واللغة الواحدة والمصير الواحد .
تقترب الكثير من الحوارات السياسية التي يجريها البعض عقب كل مستجد سياسي او أمني إلى ما يسمى “حوار الطرشان” وهو عنوان  القصة الصينية المعروفة ,  فأحيانا نشعر، أننا جميعا نتحاور، بالإشارة، ونظن أننا جميعا على حقّ، وان الطرف الآخر، على باطل وغلطان ويجافي الحقيقة ويبتعد عن الواقع فيما يسبح البعض في احلامه الرومانتيكية التي لا يراها سوى خيال الحالم ,ولا نكلّف خاطرنا (التنازل) ولو لحظة من أجل الوصول الى نقطة لقاء هذه مشكلة سياسي العراق العضال ( كلام كثير عمل قليل ) تصديع للرؤوس دونما مرتجى تحقق او على امل ان يتحقق افقدونا الامل والرغبة بحياة .
زمن قليل
ما أود قوله ان الصخب لا يفضي الا الى عنف دموي وفضائع جسام لا تبقي ولا تذر ما يستدعي القول لهؤلاء الصاخبين ان جرعتكم التخديرية التي أثملتنا مذ رشفا  الكأس الاول بدأ تأثيرها بالنفاد وسنصل بعد نيف زمني قليل إلى مصاف الوعي والصحو التام ولم يعد كلامكم الطائفي يسبب لنا الدهشة الكبيرة  ولن نرتضي كأحرار  ان  يعيش أنسان اليوم  في عقل معتوه يختلط الزمن لديه ويتشابك عنده الماضي بالحاضر وتصبح الأحداث غير قابلة للفهم أو للربط , أعتقد ان ما حصل من ظلامات مني بها العراقيون على أختلاف مللهم ومذاهبهم كان سبباً في صحوتنا اليوم ويقظة ابنائنا في الغد القريب لان الضياء لا يوصل الى النور، وحده الظلام من يوصلك إلى الإشراق والبصيرة ،مثلما الحقيقة لا توصل إلى الحقيقة ،بل التيه من توصلك إلى الصواب , لعلنا لم نقرأ الواقع جيدا ولم نستشرف المستقبل بعيون ثاقبة ،ولم نراقب عن كثب سير الأحداث والمآلات ،ولم يتسنى لنا رؤية ما وراء الستار ،ولكننا لمسنا الوجع وأستشعرنا الألم ورأينا بأم العين فزع الثكالى وعويل الصغار الذين فقدوا الأمل ( الأب ) ما علينا سوى وضع النقط والفواصل وأكمال مدونة اليقظة والعتق الذي غاب لسنين خلت.. وأكتمل الصحو.
أقسم لو أنني امتلك زر الخلاص من هؤلاء الصاخبون الذين يعتاشون على نشر العنف والصدام العقائدي بين الشعب الطامح بعيش وتعايش ومساكنة آمنة مع أخيه الإنسان لفعلت  , على الشعب أن لا يكترث لترهات البعض السياسي  وينهل من معين العصمة ووعاء الحكمة إنسانويته  ،من قول الإمام علي (عليه السلام)  الذي خط على جدار الأمم المتحدة وضمن  في طليعة لوائح حقوق الإنسان الدولية : (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) , وأن لا يبق شعبي الحبيب  متأرجحاً في الإختيار ،وأن يجهد نفسه لمعرفة الحقيقة الكاملة بعيداً عن الولوج إلى غياهب طائفيتهم التي سعوا إلى شرعنتها ،ولكن حداثوية الشعب ووعيه  حالت دون أن يوصلونا إلى حالة الشرخ العظمى وضياع كل الكل ( الوطن)
.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *