دخلت الحرب في أوكرانيا شهرها الثاني ولا مؤشرات تلوح بالأفق على نهايتها .
فإستمرار هذه الحرب في ظل  عصر العولمة بعد أن اصبح العالم قرية صغيرة يجعلها أكثر تعقيدا وتأثيرا على دول العالم التي لا زالت تعاني من تأثيرات جائحة كوفيد ـ  19 وليس الأمر ببعيد عن دول الشرق الأوسط وبخاصة العراق الذي يشهد اضطرابا سياسيا نتيجة عدم تشكيل الحكومة حتى الآن ولازال يعاني من تدخلات خارجية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران واللتان اصبحتا قاب قوسين أو أدنى من توقيع الاتفاق النووي ،ومايترتب عليه من رفع للعقوبات الدولية عن ايران ورفع قيادة حرسها الثوري عن قائمة المنظمات الإرهابية.
وبلا شك فإن هذا التسارع في إعادة إحياء الاتفاق النووي ما كان له أن يتم بهذه السرعة لولا الغزو الروسي لأوكرانيا ، وهو أمر سيلقي بأعبائه على العراق ودول الشرق الأوسط والخليج العربي ،من خلال زيادة الضغط  الإيراني على دول المنطقة وخاصة العراق ،الذي اصبح وفقا للحسابات الاستراتيجية الحديقة الخلفية لإيران، لاسيما بعد تغيير الاستراتيجية الأمريكية ،بعدم التدخل المباشر وحماية الدول الحليفة لها عندما تتعرض لنزاعات داخلية او خارجية ، فقد بدأتها بإنسحاب مخزي من افغانستان، بعد إعلان الرئيس الأمريكي بايدن الانسحاب منها في 9 تموز 2021 ،وإكتماله في اب .2021
غاز اوربي
لقد دفعت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة كبيرة في أسعار النفط والغاز بسبب العقوبات الدولية المفروضة على روسيا ، وامتناع الامريكان والأوروبيين عن استيراد النفط والغاز الروسي مما حدى بهم  البحث عن مصادر أخرى للنفط والغاز ، فاصبحت ايران إحدى هذه الدول والتي تسعى جديا للعودة إلى السوق النفطية بعد تعرضها للعقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية؛ وان موافقتها  على الاتفاق النووي سيساهم في إنقاذ الامريكان ودول أوربا من الزيادة الكبيرة في أسعار النفط والغاز؛ والتي تثقل كاهلهم الاقتصادي في ظل أزماتهم الحالية؛ خصوصاً بعد امتناع السعودية والإمارات العربية عن الاستجابة للمطالب والضغوطات الأمريكية والبريطانية في زيادة إنتاجهم من النفط بغية كسر حاجز الصعود في أسعاره ، مما يدفع ذلك بالامريكان إلى دعمهم لإيران وإستعادة دورها السابق أيام الدولة البهلوية في تهديد دول المنطقة التي تمردت على الامريكان وعدم انصياعها لإرادتهم ،  فالقصف الذي طال مدينة أربيل العراقية بصواريخ إيرانية بحجة قصف مقرات للموساد الصهيوني دون أي رد واضح من الإدارة الأمريكية؛ إذ اكتفت وزارة خارجيتها بالتصريح بأن ” القصف على اربيل  لم يستهدف مصالحها ” ، أعقب ذلك القصف بالصواريخ والطائرات المسيرة من قبل جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن والموالية لإيران ، لاهداف منتخبة  مستهدفتاً المنش?ت النفطية والبنى التحتية السعودية ، بمثابة رسائل واضحة لدول المنطقة  تؤكد الدور الإيراني المقبل في المنطقة وعودة إيران حليفا قويا للولايات المتحدة بعد أكثر من أربعين سنة من الازمات والمهاترات بين دولة ايران الاسلامية والشيطان الأكبر ، وان من تداعيات هذا الدور الايراني قيام الحكام العرب بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وهرولتهم للتحالف معه وتعزيز دوره الاقليمي في المنطقة…
وهكذا تتجلى مقولة رئيس وزراء بريطانيا الاسبق ونستون تشرشل: ” في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة” ، وان هذه المعطيات تؤكد للأسف خيبة وفشل الحكام العرب في الحفاظ على امن بلدانهم وشعوبهم من التهديدات الخارجية متوهمين بأن الاعتماد على القوى الخارجية ستحمي بلدانهم من الاعداء، إنهم لم يستوعبوا الدرس القاسي لأسلافنا العباسيين من مغبة الاعتماد على القوى الخارجية لضمان استقرار الدولة ؛ والحفاظ عليها …والله المستعان

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *