يبدأ الحلم  لحظة يتسلل الوعي الى الذات للخلاص من التلوث الفكري و النفسي،حينها يتوقد الأمل و يشرع بالتحدي بهدف الحركة،فالحلم يقترن بالمستقبل،أي الأيمان بصناعته و العمل على الأتيان به لتغيير الحاضر،بفك القيود و التحرر،بتوظيف إضاءات التراث و الإفادة من شذراته،و السعي لمواكبة العصر بالانتاج و الابداع و الإسهام فكرياً و علمياً.
إذ أن التقدم و التغيير يقترن بالرغبة والتخطيط و التفاعل و التراكم ،الذي ينطلق من الحلم . غير أنه ليست الامنيات المسورة و البعيدة عن إستيعاب معطيات الواقع ،بل يتوجب إدراكه ،كي يخترقها الحلم . تلك مؤشرات التغيير التي قدمتها الشعوب في الماضي البعيد و القريب،و قبلها طرزتها كلمات المفكرين و الفلاسفة و الشعراء ،فهذا صاموئيل    غوميروس مؤسس الاتحاد الامريكي الفدرالي للعمال ،في أبياته المنقوشة أسفل نصب أقيم في مدينة سان أنطونيو ،تقول :
إلام يهدف نشاطنا البشري ؟
المزيد من المدارس ،و القليل من السجون
نريد كتباً أكثر ،و بنادق أقل
نريد تعليماً أفضل و عيوباً أقل
نريد راحة أكثر و جشعاً اقل
نريد عدالة أكثر و أنتقاماً أقل
نريد المزيد من الفرص لزراعة الطبيعة بكيفية أفضل .
نحن مُعرفة لدينا تلك الكلمات وما تحمل من معاني أخاذة ،فقد رافقت أحلامنا منذ عقود ،غير أننا لا نؤمن بها ،لان أحلامنا تسلبها خلافات الماضي الذي لا يبرح ، وتصطدم بعصبياتنا التي لا تمضي . لان سجوننا و بنادقنا و عيوبنا وجشعنا وإنتقامنا أكثر من مدارسنا و كتبنا و تعليمنا (و عدالتنا) التي أنتجت عشرة ملايين أنسان غارق بالحرمان و التهميش و (العبودية المختارة ) التي صنعت أصنامها.
ليظل تطبيق الحلم كالسراب . فالحرية أيمان و تضحيات جسام،بكل ما تنطوي من أبعاد سياسية وإجتماعية  و حقوق تقترن بالديمقراطية ،فهي تسكب ماء الحياة في مزرعة المستقبل ،وحال وجودها مثلما يرى عبد الرحمن منيف في شرق المتوسط يمكن ان ينام الحاكم و المحكوم ملء الجفون . أما اذا كان الحاكم وحده (حراً) فأن دولاب الزمن لا يتوقف عن الدوران ،و قد يجد نفسه من أفترض أنه مالك القوة والحرية أكثر ضعفاً وعبودية ،و لن يفيد الندم أن جاء متأخراً.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *