أمام‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬التي‭ ‬امتلأت‭ ‬بهم‭ ‬صالة‭ ‬العرض‭ ‬يصرخ‭ ‬سعدي‭ ‬بحري‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬مسرح‭ ‬“شاوبوينه”،‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬العاصمة‭ ‬الالمانية‭ ‬ذات‭ ‬التاريخ‭ ‬العريق‭ ‬بمسارحها‭:‬
أعيدوا‭ ‬لي‭ ‬حبيبتي‭ ‬ليلى،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أطيق‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬دونها‭!‬
لقد‭ ‬كانت‭ ‬نبرات‭ ‬بحري،‭ ‬ذلك‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬خلد‭ ‬ذكر‭ ‬جلجامش‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬الكثيرة‭ ‬من‭ ‬بحثية‭ ‬وكتابية‭ ‬وتمثيلية‭ ‬تعني‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬مغترب‭ ‬ومهاجر‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬الله‭ ‬الواسعة‭ ‬باحثاً‭ ‬عن‭ ‬الفن‭ ‬والابداع،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضاقت‭ ‬عليه‭ ‬أرض‭ ‬وادي‭ ‬الرافدين‭.‬
على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬يدور‭ ‬هرج‭ ‬ومرج‭ ‬وصراخ‭ ‬وتتعالى‭ ‬انفعالات‭ ‬أناس‭ ‬يتكلمون‭ ‬لغات‭ ‬شتى‭! ‬الجميع‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬فقده‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والأحبة‭ ‬بسبب‭ ‬الكسوف‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬الأرض‭ ‬فجأة‭ ‬وأوقع‭ ‬من‭ ‬بقي‭ ‬حياً‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وضياع‭. ‬الجميع‭ ‬يصارعون‭ ‬عواطفهم‭ ‬وهم‭ ‬يبعثون‭ ‬برسائلهم‭ ‬الصوتية‭ ‬لمن‭ ‬فقدوه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الكسوف‭ ‬ويعدونهم‭ ‬ويمنونهم‭ ‬بلقاءات‭ ‬قريبة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬بات‭ ‬ينتظر‭ ‬كسوفاً‭ ‬جديداً‭ ‬لكي‭ ‬بجمعهم‭ ‬بمن‭ ‬فقدوه‭ ‬من‭ ‬أحبة‭!‬
لقد‭ ‬حملت‭ ‬مسرحية‭  ‬أخوة‭ ‬الحكاية‭ ‬الخيالية،‭ ‬رسالة‭ ‬فلسفية‭ ‬وهي‭ ‬تدق‭ ‬ناقوساً‭ ‬في‭ ‬أسماع‭ ‬البشر‭ ‬،‭ ‬وتعرض‭ ‬كيف‭ ‬تنفجر‭ ‬الهيستيريا‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬المحن‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تودي‭ ‬به،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬يقوم‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬بسبب‭ ‬تنوع‭ ‬أجناس‭ ‬الناس‭ ‬المختلفين‭ ‬ولغاتهم‭ ‬ومشاربهم،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتجلى‭ ‬أهمية‭ ‬القيم‭ ‬الانسانية‭ ‬النبيلة‭ ‬وتآزر‭ ‬البشر‭  ‬وابداعاتهم‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬أيام‭ ‬المحن‭.‬
ظهر‭ ‬سعدي‭ ‬بحري،‭ ‬بين‭ ‬افراد‭ ‬الفرقة‭ ‬المسرحية‭ ‬كأستاذ‭ ‬بين‭ ‬تلاميذ‭ ‬بارعين‭ ‬ابدعوا‭ ‬أدوارهم‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭. ‬لقد‭ ‬ذكرنا‭ ‬باعمال‭ ‬له‭ ‬كثيرة‭ ‬مسرحية‭  ‬وسينمائية‭ ‬ابدع‭ ‬فيها،‭ ‬منها‭ ‬فيلم‭ ‬قطار‭ ‬الساعة‭ ‬7‭ ‬والظامئون‭ ‬وملحمة‭ ‬جلجامش‭ ‬وغيرها‭.‬
هذا‭ ‬وكانت‭ ‬المسرحية‭ ‬قد‭ ‬عرضت‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬“افينيون”‭ ‬وعلى‭ ‬مسرح‭ ‬“‭ ‬الاوديون”‭ ‬الباريسي،‭ ‬وهي‭ ‬
تجمع‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬اوروبية‭ ‬وافريقية‭ ‬وآسيوية،‭ ‬كما‭ ‬انها‭ ‬ستعرض‭ ‬بعد‭ ‬برلين‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هامبورغ‭ ‬الالمانية‭.‬
بقي‭ ‬ان‭ ‬أقول‭ ‬أن‭ ‬مسرحية‭ ‬أخوة”‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬اسم‭ ‬FRATERNITÉ‭ ‬بالفرنسية‭ ‬و‭ ‬“‭ ‬BRÜDERLICHKEIT‭ ‬بالالمانية،‭ ‬والتي‭ ‬استغرق‭ ‬عرضها‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثة‭ ‬ساعات،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬وإخراج‭ ‬الكاتبة‭ ‬والفنانة‭ ‬الفرنسية‭ ‬الشهيرة‭ ‬“‭ ‬كارولينا‭ ‬جويلا‭ ‬نجوين”‭ ‬الحاصلة‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جائزة‭ ‬وتكريم‭.‬
هذا‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الدكتور‭ ‬سعدي‭ ‬يونس‭ ‬بحري‭: ‬دان‭ ‬أرتوس،‭ ‬هوناس‭ ‬جويالو،‭ ‬ميمونة‭ ‬كايته،‭ ‬ناني،‭ ‬اليوس‭ ‬نويل،‭ ‬أليكس‭ ‬بيتريس،‭ ‬لمياء‭ ‬ريقراقوي،‭ ‬زفيرا،‭ ‬فاسانف‭ ‬سيلفام،‭ ‬هيب‭ ‬تران‭ ‬ناجيا،‭ ‬آن‭ ‬تران‭ ‬ناجيا،‭ ‬ماهيا‭ ‬زروكي‭.‬
برلين،‭ ‬‮٥‬‭/‬‮٤‬‭/‬‮٢٠٢٢

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *