قصة قرأتاها ونحن في المدرسة الابتدائية عن الصبي الذي كان يسبح في النهر ، وكان في كل مرة يدعي انه سيغرق ويستنجد .. ويهرع إليه الأصدقاء والمعارف .. ويظهر انه يكذب عليهم .. فيعودون أدراجهم .. واستمر الحال على هذا المنوال .. بعد أن يشبعوا الطفل سباً وشتما . .. إلى أن جاء يوم .. وفعلاً كانت الأمواج قد سحبته واخذ يستنجد بمن كان قريبا منه .. فلم يستجب له احد .. فغرق .
هكذا هو حالنا في العراق .. صراخ وعويل ، وشقشقات تهدر ثم تستقر .. وزوبعات تفيض في الفنجان .. ولا أحد يهتم .
لقد ترك الناس حديث المعاناة اليومية .. لقد تعودوا عليها .. لقد تعودوا على انقطاع الكهرباء .. وتعودوا على انقطاع الماء .. وتعودوا على الغلاء … وفقدان الخدمات .. حتى تركوا متابعة الإعلام بكل أنواعه .. لقد أصبح طابع الوعود غير الحقيقية طاغيا . والناس في حيرة من أمرهم .. وهذا أسوأ ما يمكن أن يفقد الإنسان الأمــل فـي الأمـــل !!
لقد ترك الناس حالهم وأصبحوا يتطلعون إلى ما حولهم والى وجودهم حتى بين الدول التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية التي حباها الله للعراق .. !
نهرب من ظلنا أو يهرب منا .. نـلعب لعبة القط والفأر .. نهرول بعيداً عن مكامن الخطر الوهمي .. نقف على أطراف الكرة الأرضية ، ندير رؤوسنا يميناً وشمالاً ونهمس في آذان بعضنا ، كلاماً لا يسمعه غيرنا .. ونبشر بالمستقبل القادم .. وما اقسي الانتظار ، نتطلع حولنا ونغيب في رحلة البحث عن الذات .. من أين نبدأ ؟
الحيرة ثم الحيرة .. في كل يوم مصيبة لا تضاهيها مصيبة .. فعن أي شيء نكتب وكيف نكتب والمواجهات صعبة في الزمن الصعب . وأية فكرة يمكن أن نتناولها .. فما علينا إلا أن نكتب بكلام إنشائي لا يغني ولا يسمن .
المواطن المسكين ضحية لعبة لا يعرف حدودها ومكمن السر فيها .. وهو يسمع عن الديمقراطية المصادرة في جزر ألواق واق .. أما في بـيتنـا فكل شيء على ما يرام .. فالإنسان عندنا يتمتع بالديمقراطية والحرية والخـبز والعمل ويعيش في بحبوحة الحياة وهبوط في الأسعار .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *