مازالت المشاكل والخلافات، التي أنتجتها الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في تشرين الأول الماضي، تلقي بظلالها على المشهد السياسي، في ظل اعتراضات الكتل الخاسرة، وأبرزها الإطار التنسيقي الذي يصر على تشكيل الكتلة الأكبر، والدخول بها في البرلمان، للتصويت على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.

وسط هذا السجال والصخب، برزت مبادرة زعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكيم والتي تهدف “للخروج من الانسداد السياسي” والتي أوصى وحذّر فيها من تسعة أمور، أهمها جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار، ومناقشة الحلول والمعالجات، من دون شروط أو قيود مسبقة، والركون الى لغة العقل بدل تبادل الاتهامات والشبهات الخطيرة.

الحكيم أكد في مبادرته على ضرورة الانتهاء من، تسمية الكتلة الاكبر وفق ما نص عليه الدستور، وذلك عبر القوى الممثلة للمكون الاجتماعي الأكبر في البلاد.

جدد أيضا تأكيده على ضرورة حسم موضوع “الرئاسات الثلاث” عبر تفاهم أبناء كل مكون فيما بينهم، والجميع يتعامل مع مرشح، الأغلبية السنية والأغلبية الكردية والأغلبية الشيعية، لتمرير مفهوم الأغلبية المطمئنة للجميع.. مع الاتفاق على أن رفض مرشح أحد من المكونات الأخرى، لا يعني تقاطعاً مع المكون، بل فسح المجال أمامه لتقديم خيارات أخرى.

كما جدد الحكيم في مبادرته، والتي كانت مادة دسمة للقوى السياسية، واهمها التيار الصدري، حيث نقل مقربون منه، عكوف السيد الصدر على دراستها وتشذيبها، بما يضمن حقوقه واهمها صياغة البرنامج الخدمي والسياسي للحكومة القادمة، وتحديد أسقف زمنية واقعية لتنفيذه، وتحديد معايير اختيار الفريق الوزاري المأمول.

المبادرة ركزت على إيجاد جبهة الاغلبية والمعارضة، من خلال توزيع الأدوار، فمن يرغب بالمشاركة في الحكومة، ينضم إلى فريق الأغلبية، ويلتزم بدعم الحكومة بالبرنامج المتفق عليه، ويعلن تحمل المسؤولية الكاملة عن مشاركته وقراره، ومن لا يرغب بالمشاركة يتخذ من مجلس النواب، منطلقاً لمعارضته البناءة ويعلن ذلك رسمياً، ليحظى بالغطاء المطلوب.

كما انه من خلال هذه المبادرة حفظ حقوق المعارضة، من خلال توفير الغطاء الآمن لها، وتمكينها في اللجان البرلمانية والهيئات الرقابية المستقلة لأداء مهامها، كما تتعهد المعارضة بعدم تعطيل جلسات مجلس النواب، والحضور الفاعل فيه، وفسح المجال أمام الأغلبية لإكمال الاستحقاقات الدستورية.

تضمنت أيضاُ وجود ضمانات حقيقية، على التشاور الدائم والتداول الدوري، بين قوى الأغلبية والمعارضة حول القضايا الأساسية في البلاد، للخروج بقرارات وطنية واجتماعية، في القضايا المصيرية والقوانين المعطلة.

الحكيم أشار في مبادرته لضرورة ابتعاد القوى السياسية، عن السجالات والتراشق الإعلامي ونبذ المساجلات السلبية، ولغة التسقيط والتخوين والاتهام، وتبني ميثاق وطني ملزم للجميع، لمواجهة لغة الكراهية والاتهام، وتنقية الخطاب الموجه للجمهور، بمعلومات دقيقة غير مضللة، فلا يمكن بناء الدولة من دون إعلام وطني حريص ومسؤول، عن وحدة البلد واحترام القيم الأصيلة.

الحكيم دعى في مبادرته لاعتماد الإصلاح الحكومي، مادة للتنافس السياسي في الأداء والخطاب، وليطرح كل كيان سياسي وكل تحالف، برامجه ورؤيته الاقتصادية والثقافية، والسياسية والتنموية والأمنية أمام وسائل الإعلام.

المبادرة يمكن لها ان ترى النور، إذا وجدت الإرادة السياسية لذلك، والارضية والبيئة المناسبة لتطبيقها، لذلك وعلى الرغم من كونها مبادرة جيدة، يمكنها ان تشق طريقها للتنفيذ، لكن المعوقات التي تعكس مزاجيات القوى السياسية، ومحاولة عرقلة أي مبادرة، يمكنها ان تفتح الانسداد السياسي، الذي وصلت اليه العملية السياسية في البلاد، ستظل حاضرة وبقوة، فليست هناك نيات طيبة دوما، وعند كل الساسة..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *