يوجد الكثير من الناس تنتظر شهر رمضان من اجل الاحتفاء به قياما وقعودا ايمانا واحتسابا ولكل من هؤلاء طريقة وطريق الى الله . الله الذي يشكل حقيقة الايمان الداخلي ونور الوجود. وقد يشكل هذا الايمان مواجهة مع عنف الزمن واللحظات الصعبة التي يمر بها الانسان وكيف يستطيع الانسان ان يكسر بهذا الايمان الاغلال الداخلية والضغائن والكراهية والبلادة من اجل ان يتحرر من الظلام والحقد والعتمة النفسية الى مساحات شاسعة من الضوء والنبل والضمير ليرتفع فوق شروط اللحظة القاسية ويفلت من ضراوة الحبس الداخلي والذات والملذات. هذا الصنف من الناس يتوهجون في لحظات الخطر والمواجهة مع تحديات الحياة اليومية.
ترتبط الذاكرة الجماعية لنا بروح الصلة والصلوات بين الاهل والجيران والاصدقاء والاطفال حيث تشكل اوقات الفطور وموائد الافطار والاطباق العامرة .. وصوت مؤذن الحي يتحشرج بالدعاء والخشوع والتأمل .انتظار وقت الاذان يشكل صلة الفصل بين الافطار والصبر على العطش والجوع ‘ حيث وقت تبادل الاطعمة بين الجيران .يأتي وقت ملء البطون ومن كثرة ما يؤكل تكاد لا تستطيع ان تجتر لها نفسا ‘ الكل يتسابق من اجل وضع اكبر كمية ممكنة من الطعام والحلويات والماء والعصير والمكسرات في جوفه ويستمر مسلسل الاكل الى وقت السحور وهو الوقت الذي تتجلى فيه الارواح بالدعاء والتضرع وصلوات الليل سحورا وتجهدا. الحرص على عمل الخير والامتناع عن الحقد والغضب والشر والنميمة طيلة فترة النهار.
شهر رمضان الذي يشكل وحدة السلام والنور والحب من اجل ان نعرف انفسنا ونعرف اين وصلنا وكيف عشنا هذه الحياة وكيف سنمضي ‘ ومن هو الخاسر ومن هو الرابح ‘ ومن عاش الحياة بأقنعة ومن عاشها بوضوح وعفة ونقاء ‘ وما الذي تغير فينا ‘ العقل ‘ طريقة التفكير ‘ المشروع ؟ هل استطعنا ان نتوقف ونتأمل في صراعاتنا ومعاركنا وتفردنا بالرأي والقرار. 80 سنة من السياسة ونحن نعيش خطوة واحدة للامام وعشرين خطوة للوراء . لا احد استطاع من وضع برنامج سياسي واضح ولا تمكنوا من ان يربحوا صوت الناس. يتاح لنا ونحن في هذا الشهر الفضيل ان نطرح سؤال مفصلي : نحن كمجتمع وسلطة الى اين ؟ لا يوجد انسان غير معني بما وصلنا اليه . نحن جميعا معنيًون بالبحث عن الصواب والحق واليقين وهذا لا يأتي الا من خلال البحث والتنقيب والمعرفة والسؤال من دون كلل او جزع .هل الجماعات السياسية واعية بمخاطر الطريق الذي يقترب من اقصى النهايات في ( خواتيم مفزعة قد يشعلها حدث بسيط في وطن كل شي فيه قابل للاحتراق والاشتعال بما في ذلك الماء ). وقد يحدث هذا الامر في لحظة هدوء وسكون مموه وخادع كما حدثت الكثير من الاحداث التاريخية التي مررنا بها حينما اجتاحتنا العواصف السياسية والحربية وهذا ما لم يستطع للاسف الخطاب السياسي الانشائي والرث من توقعه او اكتشافه.
هل سيكون لوجود شهر رمضان حافزا لمبادرة وطنية نبيلة تتبناها قوى وطنية نزيهة تعيد الوضع الى توازنه الطبيعي من خلال طرح حلول مختلفة خارج اطار التفكير التقليدي والجاهز والمقولب ‘ والاستفادة من الزمن قبل ان نصحو على اللاشي.