انشغلت الامة العربية بموضوع تقديم القدوة الحسنة منذ ظهور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الى وقتنا الحاضر . ويعدُّ موضوع تقديم القدوة الحسنة من الموضوعات التي تؤثر في اتجاهات وسلوك النشىء والشباب في فترات تكوينهم الأولى والتي تؤثر على حاضر ومستقبل المجتمع الذي يضمهم. وتختلف القدوة من مكان إلى آخر ومن زمان لآخر، فالقدوة التي تصلح في مجتمع ما قد لا تصلح في مجتمع آخر، والقدوة التي تصلح لوقتنا الحاضر قد لا تصلح للمستقبل والعكس صحيح.
استوقفتني احدى الصفحات الشخصية على موقع فيسبوك وهي لسيدة جزائرية رائدة في مجال تقديم وصناعة القدوة وهي صفحة السيدة “أحلام مستغانمي”، لست مؤهلة لتقييمها فهي متألقة ونجمة في سماء الأدب العربي، أحبها الناس ليس كونها اديبة عربية فقط؛ بل كونها انسانة بحق تحمل قلباً يسع الكون وضمير حي ومبادئ ورثتها بالجينات . فهي ابنة أبيها المناضل الجزائري محمد الشريف رحمه الله. وقد سبقت انسانيتها  فزاد حب الجميع لهآ حباً آخرعلى صفحتها  ثلاثة عشر  مليون وأكثر من متابع اجتمعوا على الخير والسلام والمحبة وكان لها الفضل بالتأكيد فهي لاتستخدم خطاب الكراهية ونبذ الآخر ولاتدس السم بالعسل، بل جمعت الكل على حب الاخرين وادخال السعآدة والبهجة والسرور مهما كانت ظروف  البشر.
وفي كل الأوقات كانت تشحذ الهمم  بكلماتها الرائعة، يجتمع  الجميع  في صفحتها  لمجرد أن يقرأ العربية اياً كان؛ بعيداً عن بلده وطائفته ومعتقداته. الجميع في صفحتها أحرار بأفكارهم واقلامهم… استطاعت تلك السيدة ان تفعل ما لايفعله الكثير . اوله حُب الاوطان من العراق حتى المغرب العربي نزولاً بالجزيرة العربية وحتى بلاد المهجر. والذي لفت انتباهي منذ سنوات على صفحتها تلك الجموع التي تنضح اقلامها وعقولها بالخير والمحبة والافكار النيّرة الجديرة بالقراءة واقلام تستحق أن يقرأ لها سلوك جمعي
ما أن يدخل المرء على صفحتها ويقرأ تلك التعليقــات يصبح إنساناً آخر يترك كل شيء ويسلك ذلك السلوك الجمعي الإيجابي الذي تعلمته الاغلبية من تلك السيدة. وبكل أمانة منذ سنوات أتابع العراقيين بصفحتها أقرأ كلماتهم الممتلئة بالطيبة والنقاء والإنسانية  كأنهم شخص واحد يعبّر عن نفسه بطريقة لائقة حتى تعبهم وحزنهم  أنيق ، وكي أكون منصفة لا استثني احد الجميع  على نفس النهج، فهو عندما يكتب ينسى كل شيء ويتذكر فقط انه ابن وطنه وانتمائه للوطن  والعراقي أراه  عراقياً فقط …هكذا الجميع من  اخواننا العرب والعراقيين. كيف لسيدة استطاعت ان تجمع كل تلك الملايين مع جميع مانعيشه من تناقضات وظروف صعبة في حياتنا  العراق بالذات؛ مع كثير من دولنا العربية تعيش نفس حياتنا ومتاعبنا ، ولكن أجد اسلوبهم راقي ومعبّر جداً. وأحياناً بسيط التمس من كل كلامهم  إننا لازلنا بخير ، وبأمكننا ان نتعايش بكل اختلافاتنا وخلافاتنا بسلام ومحبة ونترك تلك الشحنات السلبية. وحتى لا اذهب بعيداً سأقول أن الإنسان اصله طيب ولكن الظروف تجعله غيرذلك . عندما يجد وسطاً مناسباً يكون بمستوى يليق به كأنسان لايتفوه إلا بكل خلق وتهذيب ورقي  وحكمة ووعي .ذلك الإنسان  هو  ذاته بمختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، واراهم على الصفحات العراقية بالذات غير ذلك. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من السبب؟  تلك الصفحات تستمتع بشجارنا ونحن لانختلف عن غيرنا من البلدان العربية فالحال من بعضه فالجميع يتشاجر وينبذ الآخر ولايطيق سماع الرأي الآخر. الكل مصادرة كلماتهم وارئهم بين بعضهم البعض، حسب هوى الصفحات التي تأجج الكراهية والتطرف، إلا صفحة السيدة أحلام مستغانمي تلك السيدة طافت بنا في رمضان ارجاء الوطن العربي والدول الإسلامية. لم أقرأ تعليق ينبذ الآخر ولايتنمر ولا يستهزأ بعادات وقيم مجتمعاتنا المختلفة شاركتنا أعيادنا وافراحنا واحزاننا بجميع الدول دون استثناء. العراقي بطبعه كريم ومحب لبلده وأن كانت الضغوطات عليه كبيرة قد يخرج عن طبعه لكن داخله خير وطيبة.
كنت اتمنى أن جميع الصفحات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي ان تكون كصفحة تلك السيدة المتواضعة، تجمع الناس على نفس النهج دون أن تعرف من نحن، ليس لديها مصلحة مع احد ، فهي تخاطب الجميع بلغة الحب والخير والسلام. هي سفيرة السلام لكنني وجدتها بالف دبلوماسي. هل بالإمكان  ان تصنع سيدة أو رجل مثل ما صنعت السيده احلام المعجزات في أن تجعل الجميع بمختلف الأعمار ومختلف البلدان ومختلف القوميات والطوائف يد بيد . متى يتعلم الجميع من السيدة التي بتواضعها  ونبل خلقها الرفيع  أن تأخذ بتلك الجموع من الملايين وكأنهم نخبة وصفوة المجتمعات العربية من المتابعين .
لقد استطاعت هذه السيدة الفاضلة ان تبني فينا الإنسان والإنسانية ونهضت بنا جميعا ًبكلماتها. فالكلمة لهآ سحر آسر تقرب البعيد وتجمع المتنافرين وتألف بين قلوبهم. سحر الكلام اقوى من صوت الرصاص، فالاولى تحي الإنسان والثانية تميته. وفي الختام لابد لي من كلمة اقولها للشباب من كلا الجنسين اجعلوا صفحاتكم كصفحة السيدة أحلام مستغانمي وانثروا الخير والسلام لتجدوا على ارض الواقع أن الجميع بخير ويعيش بأمان برغم كل الظروف الصعبة. وأن كان حلماً صعب التنفيذ فمن حقنا ان نحلم . واختم هذا المقال بالقول ان لكل إنسان نصيب من إسمه فكانت “أحلام مستغانمي” أحلاماً سعيدة مؤثرة وبقوة وقدوة حسنة وقائدة رائدة جديرة بكل هذآ الحب والتقدير والاحترام من الثلاثة عشر مليون وأكثر من متابعيها .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *