قبل ايام كتبت مقالا نشرته في جريدة الزمان الغراء عن معاناة اصحاب العقود في الاقليم الذين لم يستلموا رواتبهم طوال اربعة اشهر.ونظرا لغرابة الموضوع بالنسبة لي على الاقل فقد قررت ان اتناول هذه المشكلة واتحدث عنها مرة اخرى.
دعوني اتساءل:هل من المنطقي ان يحرم موظف العقد من راتبه؟ بكل تاكيد سيجر هذا السؤال سلسلة اخرى من الاسئلة تتعلق كلها بحق المواطن على الدولة التي يعيش في ظل قوانينها.
تحتلف حاجات الانسان وتتنوع,وهناك في علم النفس سلم هرمي للحاجات,بمعنى ان الانسان يحتاج قبل كل شيء الى الطعام والسكن والعمل.هذه الحاجات في رأس القائمة,وبعد ذلك تاتي الحاجات الاخرى كالتعليم والامن وغير ذلك.
اذا صحا موظف العقد صباحا ونظر الى سقف غرفته فسيتذكر انه يعمل بلا مقابل.كيف سيضبط انزعاجه وغضبه.؟وكم سيصبر؟وكيف سيبرر ما يحصل له؟.ولو بقيت اغزل اسئلة حول حالة موظف العقد اليومية لربما اصل في النهاية الى ان اي شخص يتعرض لضغط الحرمان سيشعر بالذل وانكسار في كرامته ان كانت الحكومة التي يخضع لقانونها تعامله كأنه عبد وعليه ان يصمت.لكن هذا الصمت هو صمت مرّ ثقيل لا يحتمله بشر على الاطلاق.
هل يعقل ان ينام المسؤول في الاقليم وهناك العشرات من الموظفين يخدمون في دوائر متعددة وعلى الاخص في وزارة الصحة وهم يعاملون كآلات تتحرك بلا مشاعر.ثم تعود الالة الى البيت كما خرجت دون ان تحصل على شيء.وحتى الالة او السيارة او اي ماكنة مصنعة تطالب من يستخدمها ببعض العناية الا موظفو العقود فهم لا يستحقون شيئا.ومن السهل جدا حرمانهم من رواتبهم مدة اربعة اشهر بلياليها ونهاراتها المزعجة.
هل اصبح المسؤول في الاقليم وفي الحكومة الاتحادية آلة ايضا لكنه آلة تملك المنصب والمال وعليه ان يتجاهل الالات البشرية المتحركة التي لا حق لها في اي رد فعل.
انا اتساءل مرة اخرى:لن يكون في مصلحة احد ان يتعرض الانسان الى ظلم من هذا النوع.ان هذا النوع من العذاب يحطم قناعة الانسان,ويعلمه احتقار كل شيء.ولعل درس تشرين ما زال ماثلا امامنا.ان الصمت قد ينقلب الى رد فعل لا يمكن مواجهته.فانتبهوا ياولاة امر المساكين.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *