هو سعدي يوسف، شاعر البصرة والعراق والوطن، والعرب والكرد والفرس، وغيرهم…
عبرتْ على قبر سعدي الشعريّ في هذه الأيام سنة، لكن لا شيء في الوجود لا يتذكّره في كل لحظة؛ القبّرة والوردة والنهر، والدمع والنار والرضاب، وكذلك البركان والشلال ورصاصة القتيل، يعلّقها سعدي الآن حُليةً على صدره، مثلما فعل مرة مع خارطة العراق. قال الشاعر، في أول قصيدة له، “القرصان”:
كيف تسعى إلى الرئيس لتبقى عنده خادما ذليلا جبانا
أنتَ يا من ضربتَ في البحر حتى كاد يلقي على يديك الجمانا
أنت يا من ضربتَ بالسيف حتى ألِفَ الغِمدُ أن يظلّ مهانا؟
الشاعر العظيم هو من يجيد الكلام نفسه، ومن يبتكر السؤال، وقضى سعدي عمره بنظم الأسئلة. ولأني أقرأ سعدي كلّ يوم، في الصبوح وفي الغبوق، صارت لي مثله عادة التَسآل:
– كيف يؤبن الشاعر في ذكراه من قضى عمره يكتب القصائد للرئيس (……..) خادما ذليلا جبانا؟
– وكيف يملأ صفحات الكتاب بخطّه من كان يرسم الرئيس طول عمره… ؟
أسأل وأسأل… وأسأل.