هاجس الخوف يلازم كل انسان مهما كانت شجاعته ، فأنت تخاف أن تفتقر وأنت تخاف أن تمرض وأنت تخاف الموت وأنت تخاف أشياء عديدة ، انه لا بأس في ذلك كله ، وانها حالة صحية لا غبار عليها ، غير أن هاجس الخوف حينما يحتوينا في كل وقت ومن غير مبرر فهو حالة مرضية أو عقدة نفسية لا تفارق صاحبها .
ان هاجس الخوف قد يكون ضرورة لحياتنا حتى نوفر وسائل الدفاع عن أنفسنا ازاء مخاطر تواجهنا .. فحينما تكون السلطة ظالمة تخاف أنت أن يلحقك منها أذى ، وحينما تندلع الحرب نكون جميعا تحت طائلة هذا الخوف ، ذلك لأن الحرب لها نتائج وخيمة تحرق فيها الاخضر واليابس ،وانها تهلك الحرث والنسل وأنها قد تودي بالوطن الى خراب .
وحينما تقع كارثة طبيعية كزلزال أو فيضان وما الى ذلك ، فان هاجس الخوف يستبد بنا لما تسببه هذه الكوارث من آثار ثقيلة ، وحينما يدنس أرض وطنك احتلال أجنبي فان هاجس الخوف يلاحقك بأن الوطن بات في مهب الريح ، وحينما يقتتل أبناء الوطن فيما بينهم لأسباب عصبية فان هاجس الخوف يفرض سلطانه عليك .
خلاصة ذلك أن هاجس الخوف لا مفر منه كلما لاحت في الأفق بوادر أسبابه .
اننا جميعا لا نريد أن يكدر صفو حياتنا ما يثير فيها القلق ويركبها هاجس الخوف ، وكل منا يتمنى الخير والسعادة لأبناء وطنه .غير أن البعض منا يكون أسير الخوف في كل أوقاته لسبب أو لغير سبب ، ومثل هذا الخوف له عواقبه السيئة على الفرد ، اذ هو يكون مترددا في كل فعل يفعله ، ولا يمكنه أيضا أن يشق طريقه في هذه الحياة .
ان الخوف يغلب عليه في كل صغيرة وكبيرة ، لذا تراه قاعدا في مجلسه لا يحرك ساكنا لتركبه أوهام وظنون بأن من حوله يريدون الاساءة اليه ،وهو شعور يقوض الآمال .
ان حالات الخوف كثيرة متعددة .. فثمة فتى في عمر الزهور تراه خائفا على مستقبله ، وثمة فتاة خائفة أن تبقى من غير زواج ، وثمة رجل خائف على أبنائه من رفاق السوء ، وثمة امرأة خائفة على سمعة بناتها من قول القائلين .
وهكذا يقتحم حياتنا هاجس الخوف لنقع تحت كابوسه ، غير أنه يجب أن نعترف بأننا نخطئ اذا استسلمنا الاستسلام المطلق لهاجس الخوف ، لأنه حينئذ سيشل حياتنا ويقعدنا في أماكننا دون أن نتقدم بأية خطوة الى الأمام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *