كبار السن بين الرعاية والتهميش

 

الكل متفق أن هذه الفئة التي تختلف مسمياتها من مجتمع لآخر، تعاني من مشاكل وصعوبات متشابهة في جميع المجتمعات وتختلف حقوقهم التي تكفلها الأنظمة والقوانين من دولة لأخرى، وفي ظل تعقد الحياة المعاصرة قد تعاني هذه الفئة من صعوبات شتى، بعضها المادي أو النفسي أو الأخلاقي، وتهدف أغلبية الأنظمة الراعية لهم لأن تحمي هذه الحقوق وأن يستمروا في حياتهم في البيئة التي كانوا يعيشون فيها قدر الإمكان، والنظام الذي اقرته بعض الدول العربية كالسعودية مؤخرا يأخذ في الاعتبار هذه الأمور المهمة، إضافة إلى حماية حقوق المسن المالية، وأن لا يعتدي عليها العائل له إلا بموافقته، إضافة إلى أن من حق المسن الموافقة أو الرفض، بإيداعه دار إيواء اجتماعية، ويحث النظام على أهمية العمل على الحصول وتوظيف المعلومات والأبحاث لما يخدم هذه الفئة الغالية، التي قد تتعرض للإهمال والجور في بعض الحالات، ومجتمعنا من المجتمعات ذات القيم الأخلاقية المرتفعة في قضية المسنين، ولكن التطور والتعقد في نمط الحياة غيّر كثيراً من المفاهيم والقيم نحو السلبية؛ لذا تأتي أهمية هذا النظام الجديد المعني بالمسنين، ولا بد من الإشارة إلى أن المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة تعنى بهذا الملف، وتشجع الدول الأعضاء على الاهتمام بهذا الملف الحساس في سياساتها الداخلية، وقد أقرت يوم الأول من أكتوبر في كل عام، يوماً عالمياً للاحتفال بكبار السن، وتحث الأمم المتحدة على التعاطي مع قضية المسنين خارج إطار النظرة الاقتصادية التي ترى فيهم أنهم أصبحوا عالة على الاقتصاد، فهم غير منتجين، فقط مستهلكون. وتشير الدراسات السكانية إلى أنه في عام 2050 سوف يكون هناك أكثر من 1.5 مليار مسن في العالم.

 

بعض المجتمعات تغلب عليها في تركيبتها السكانية الفئة الشابة والمنتجة، كما هو الحال في العالم العربي، وتكون نسبة الشباب هي الأكثرية كما هي في المجتمع العراقي ، على النقيض من ذلك، المجتمعات الأوروبية وفي اليابان، نجد أن تلك المجتمعات قد شاخت وتعاني من نقص في اليد العاملة، مما أتاح فرصة الهجرة للشباب من بعض الدول النامية، ولكن مثل مجتمعاتنا العربية الشابة علينا أن لا نركن لهذه الحالة، فالشباب الغالب اليوم سيصبح غداً من كبار السن ويحتاجون الرعاية المكلفة للدولة وللمجتمع ككل، وأعتقد أن سن الأنظمة لرعايتهم كما فعلت المملكة مؤخرا له بداية موفقة وصحيحة للقادم في التغيرات السكانية في مجتمعنا في قابل السنين، في بعض الدول المتقدمة يحصل كبار السن على بطاقات من الحكومة تعطيهم حقوقاً مجانية في استخدام الخدمات العامة من وسائل نقل وأحقية سكن ورعاية صحية سريعة وبدون مقابل، في دولنا العربية مثل هذه الحقوق بعيدة المنال، قد يقول البعض إن قيمنا الدينية والعربية تحفظ حقوق هذه الفئة الغالية علينا جميعا، وقد تكون الأسرة العربية متماسكة بين أفرادها، ولكن كبار السن أنفسهم ونمط تفكيرهم، تغير بشكل قوي، فكبير السن الذي لا يعرف ما يجري حوله وينتظر النهاية، لم تعد موجودة، أو في طريقها للتلاشي، فكبار السن الآن هم في الأغلبية من المتعلمين، وكانوا هم في مرحلة معينة من يقودون المجتمع؛ لذا فهم نخبة مهمة جدا لهم حقوق يجب أن تكون مشرعة في الأنظمة وليس منة من أحد، وخاصة من قبل الجهات ذات العلاقة بمؤسسات التأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد، في الغرب يخططون ويدخرون لهذه المرحلة بشكل دقيق، وتجد المدن الجميلة، وخاصة على الشواطئ، مدناً يغلب على سكانها المتقاعدون وكبار السن، فهل نشاهد مثل هذا في مجتمعاتنا العربية التي ينزوي فيها كبار السن في بيوتهم إلى أجل معلوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *