أُحاول قدر الإمكان إدخال أطراف أصابعي كلّها في تلك الفتحة مثالية الشكل الدافئة و أنا أستعد للتوجّه إلى الحانة المجاورة لمقرّ عملي كأنّي ذاهب في نزهة كلاسيكية بأصابع تدخل جيب البنطال الأيمن و سيجارة مرافقة للطريق، فقدت الإحساس بالنعاس بعد الرابعة فجراً، توالت الأحداث حتّى وصلت إلى مرحلة الإنفجار الصامت المستفحل، تثاؤب مستمر مع إنتصاب جسدي مقزز و قشعريرة تصيب مقترفي الرذائل، لم يكن بإستطاعتي الإستماع لأغنيتي المفضّلة أو مشاهدة فيلم نهاية الأسبوع أو حتّى مضاجعة كتاب ما، لازالت تلك الأشباح تحاور جزئي الخلفي المحطّم و سفينة الإنقاذ تُبحر وسط سوائلي أمامي كهبوب عاصفة ماصّة مختارة.
أدخل الحانة عبر بابها الخشبي فيصمت الجميع عن ثرثرتهم و تتجمّد تلك القطرة الّتي تسقط على علبة الجعة الباردة نحو المنضدة الخشبية التي تتوسّط الحانة معلنةً عن جزئه الرئيسي غرباً، أتوجه نحو الكرسي المرافق لطاولة البار الرئيسي، بنقرتين على الطاولة الممتعة الباردة الّتي تجعلك تقاوم جميع رغباتك بلعقها على مهل يأتي ساقي البار ليسأل عن الطلب بإبتسامة مزيّفة و عميقة، كأس ويسكي مزدوج أم مع قطعتي ثلج و بعض قطرات الليمون الطبيعي؟ لازلت على الوضع التقليدي الغبي، ربّما سنتناول اليوم بعض الويسكي الأسكتلندي الممزوج بكمية صغيرة من الشمبانيا الفرنسية و بعض الجنّ الهولندي، مزيج من بلدان مختلفة ليجعلك تثمل بطرقٍ مختلفة، يأتي طلبك بعد دقيقتين لتكرّره مرتين و ثلاث حتى تبدأ تشعر بالسحر يُصنع داخل عظامك، تبدأ النشوة ترتفع و لازال إنتصابك مسيطراً على كلّ شيء، حتّى على أسرارك، الويسكي لا ينفع، ذلك المزيج المخلوط الغبي لا ينفع، حاول لاحقاً.