قبل ظهور وانتشار قناني الماء البلاستيكية التي غزت الدنيا ، كانت الحنفية مصدر ماء الشرب وقبلها كان الحِّبْ الفخاري الذي يملأه السقاء !!
واليوم اصبحت قناني الماء تأخذ اشكالا واحجاما مختلفة وبإمكاني القول ان الكثير من الناس الذين اصادفهم كل يوم بما فيهم افراد عائلتي يحملون معهم قنينة ماء أينما ذهبوا برغم توفر مصادر المياه وتعدد اشكالها هنا في امريكا بشكل عام ..
ولا اخفيكم باني مازلت اعتمد الحنفية مصدرا لماء الشرب في البيت ..
لست أشك بأن الحديث عن الماء وأهميته ماعاد موضوعا شيقا يصلح للقراءة فهو أمر بديهي يحظى باتفاق وإجماع واسعين ، لكني وددت الحديث عن حاوية صغيرة للماء اسمها ( المطارة ) تلك القنينة البلاستيكية الملونة والتي كانت ترافقنا في صباحات الصيف المدرسية ، نعلقها حول رقبتنا ونشعر بلسعة البرودة حيث تلامس خاصرتنا الغضة وهي تحمل الماء المتجمد الذي امضى ليلته في الفريزر مجاورا لحاويات حليب الكيكوز المعدنية !!
ولقد انتهت علاقتي مع المطارة حال انتهاء مرحلة الدراسة الابتدائية وكأنها كانت جزءا من عالم الطفولة !!
ثم عادت علاقتنا ايام الخدمة العسكرية خلال فترة الحرب ، لكنها هذه المرة كانت تحمل اسم ( زمزمية ) وكانت النسخة الجديدة مصنوعة من المعدن وتختفي داخل رداء سميك يشابه لونه لون ثيابي العسكرية وكنت اعلقها على النطاق عند ذات الخاصرة التي استشعرت لسعة البرد من المطارة في طفولتي !! قد يكون الحديث عن الماء مملا ومكررا فهو الماء الذي يحمل سر الخلق ،، لكني مع قدوم الصيف أبحث في هذه الايام عن حاوية صغيرة او قنينة أحمل فيها الماء وكم وددت ان تكون مثل تلك المطارة التي فارقتني من عقود !!!