تداولت صحف ومواقع اخبارية محلية وعربية وباهتمام بالغ تصريحا للسيد وزير النفط العراقي المهندس إحسان عبد الجبار أثناء زيارته الأخيرة إلى فرنسا في الفترة 25 إلى 28 من شهر مايس والتي تهدف إلى جذب استثمارات فرنسية وأجنبية إلى قطاع النفط والغاز في العراق.
وتضمن تصريح السيد الوزير أن العراق ينتج حاليا 4.5 مليون برميل من النفط يوميا ويطمح إلى زيادة الانتاج إلى قرابة 5 ملايين برميل في نهاية العام الحالي وإلى 8 ملايين برميل يوميا في نهاية عام 2027. وتعتبر جهود وزارة النفط في زيادة الإنتاج النفطي بهدف رفع الإيرادات المالية إلى خزانة الدولة أمرا جيدا ويستحق التقدير والثناء. وقد إشاعت التصريحات الأخيرة للسيد وزير النفط الكثير من التفاؤل لدى المواطنين والعامة والذين استبشروا بوفرة مالية تحسن من مداخيلهم ومعيشتهم أو تخلق فرص عمل جديدة للعاطلين. غير أن ما بعض ما ورد في هذه التصريحات يستدعي إبداء عدة توضيحات بشأنها.
– أن زيادة الإنتاج لن تحقق فوائد اقتصادية و مالية واضحة مع وجود قيود على كميات تصدير النفط, حددتها سابقا حصص الأعضاء في منظمة الأوبك ولاحقا قرارات مجموعة الاوبك بلس منذ نيسان من العام 2020. فالمداخيل ترتفع مع زيادة التصدير وليس الأنتاج بشكل منفرد.
أمر مستبعد
– وفي حال رفع القيود على التصدير كليا, وهو أمر مستبعد, فأن الانتاج الفائض سيغرق الأسواق مؤديا الى انهيار كبير في اسعار النفط الخام ويلحق اضرارا بالدول المصدرة تقلل من أرباح الأنتاج المفرط. وبالنسبة للعراق ستكون هناك صعوبة اخرى تتمثل في محدودية المنافذ التصديرية المعتمدة والتي لاتتسع حاليا لأكثر من 4 أو 5 ملايين برميل يوميا.
– تشير بيانات وزارة النفط العراقية أن العراق يصدر حاليا 3.4 مليون برميل يوميا, وهو يحتاج إلى 500 الى 800 ألف برميل يوميا للمصافي, والزيادات في الانتاج التي تتجاوز هذه الأرقام يمكن تحويلها, ان تحققت, إلى الصناعات البتروكيميائية والى المصافي الجديدة في حال اكتمال مشاريعها في العراق. وبخلاف ذلك, أي عندما تكون قدرة المصافي محدودة والصناعات البتروكيميائية غير مكتملة, فإن هذه الزيادة الكبيرة في انتاج النفط لن يتم احتوائها ولن تحقق الفوائد الأقتصادية المرتجاة منها.
– ينصح خبراء الطاقة والاقتصاديين بالتركيز على زيادة الاستثمارات في الغاز الطبيعي والذي تضاعفت أسعاره في الفترة 2020 إلى 2021 ثم عاودت الارتفاع بعد اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية والمخاوف من توسيع العقوبات على روسيا أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم. الغاز الطبيعي, وبخلاف النفط, لا توجد قيود على كميات تصديره, ويمثل ولاعتبارات علمية وتقنية البديل الأول للطاقة عنده نضوب أو المشارفة على النضوب لحقول النفط الحالية في العالم.
لقد انعم الله على بلادنا, بلاد الرافدين, بثروات هائلة من النفط والغاز الطبيعي ومواد معدنية أخرى نتمنى أن تستمر إدارتها بمهنية وأمانة وإخلاص على أيدي مهندسين وخبراء واداريين أكفاء يعملون بصمت وهدوء ولا يحتاجون إلى استعراض إنجازاتهم وخدماتهم لوطنهم في منابر الإعلام و أبواقها.