يبدو ان العالم الغربي الذي سبق الآخرين في تطبيقاته الديمقراطية في العصر الحديث لم يعرف ويألف دبمقراطية المرجعيات والميليشيات والمكونات التي مارسها، مثلاً، لبنان وأبدع فيها العراق، أي إبداع! بيد أن ما يعيشه كل من لبنان والعراق، على إختلافه ولأسباب سنأتي على ذكرها، لا تبرهن على صحة تلك الديمقراطية وسلامة نوايا من زرعها.
فلبنان شكل على أساس دولة طوائف وضيع دينية ومذهبية وفرقية أخرى، تعايشت وفق حسابات القوى المتحكمة وبارونات السياسة والاقتصاد والسلاح والرئاسات والمرجعيات. كان الهدف الأساسي من نذا النمط من الدولة أن لا تقوم دولة لها ارتباطها وانتمائها الصميمي بالجسم العربي بشقيه الروحي والمادي، رغم المظاهر المناقضة ظاهرياً لهذا الطرح!. وهكذا عاش لبنان دويلات الطوائف التي بقيت تتمرس خلف طوائفيتها، في تواصل ودعم من قوى خارجية، أجنبية وعربية. لقد كانت فرنسا وايران وسورية والسعودية، هي الأبرز في تلك القوى، التي تجد لنفسها الحق والتبرير للتدخل.
وكان الاحتلال للعراق هو ما أرسى قواعد لعبة ديمقراطية المحاصصة التي أسست لتقسيم الشعب العراقي روحاً وجسداً وشعوراً بالانتماء!
فقامت فيه المرجعيات الدينية، الاسلامية والمسيحية وغيرها، والمذهبية من شيعية وسنية، وعرقية من كردية وعربية.
ولم تكن تلك التقسيمات الطوائفية لتقوم وتدوم دون حمايات مسلحة من ميليشيات وجيوش وقوى امن واستخبارات مشكلة بذلك مقومات امارات مستقلة.
ان واقع الحال يقول، على الرغم من تبجح كل من لبنان والعراق، بدستوره وحكمه الديمقراطي، لا يستطيع أن ينكر ولاء الطوائف، القوية منها على وجه الخصوص، لمرجعياتها أولاً وآخراً. فالشيعي لا يمتثل في نهاية الأمر الا لانتمائه السياسي القائم على مرجعية معينة، وهكذا الكردي والسني الى حد ما.
وازاء هذا الوضع يصبح الحديث عن الديمقراطية التي يفهمها الآخرون من الغرب، ويمارسونها ضرباً من الوهم والخيال في بلدان المرجعيات والميليشيات والمكونات، ناهيك عن فقر ثقافة العمل والممارسة الديمقراطية، فهماً وقيماً وسلوكاً