بادرت الأمم المتحدة (متزامنة مع دعوة مجلس تعاون دول الخليج العربية) إلى وضع اتفاق هدنة يمنية “إدراكاً للاستعجال اللازم لخفض تصعيد العنف ولمعالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية”.
ومن شدة العجل تأخر العمل والاستجابة إلى دعوة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ للأطراف إلى عقد “اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال وتنقلاتهم بالاستفادة من الجو الذي تهيَئه الهدنة” المهددة بالتمديد لما بعد ثاني أيام حزيران.
سعياً وراء التمديد يقطع المبعوث الأممي آلاف الأميال بين عمّان وعدن (أواخر أيار 22م) فمسقط، اتصالًا بالرياض (ولا يستبعد بطهران أيضًا) مستنداً إلى نيويورك وواشنطن وباريس ولندن. ويعرض مقترحات فتح تدريجي لمعابر تعز وبقية المحافظات، عقب جهود مضنية لتذليل عقبات التباحث حول فتح الطرق أثناء اجتماعات استعرضت فيها أزياء عسكرية لموفدي سلطات صنعاء (غير الشرعية)، وعضلات سياسية لموفدي سلطات اليمن (الشرعية)!
جولة النقاشات التي تخللها ما يتخلل الجولات اليمنية من تشبث وتعنت مصحوباً كالعادة بشعبوية اتهام المبعوث الأممي بالتواطؤ مع أحد الجانبين، تُعَدُ تنفيذًا متأخرًا لتفاهمات ستوكهولم حول تعز سنة 2018م. ورغم الخروق المرصودة إلا أنها تتفوق على الهُدَن السابقة بضعف حدة المواجهات، وإن كان يفترض انطلاقها أول -لا آخر- أيام الهدنة.
تأخير موعد الاستجابة لدعوة غروندبرغ رغم رحلته إلى صنعاء منتصف نيسان بغية تهيئة الاجتماع، زاد الناس علمًا بأخطر أعراض “اليمننة: العلة اليمنية” وهي عدم احترام اليمنيين لقيمتي: الزمن واليمن! إذ لم يُسَّرِع المقيمون وسط العاصمة التاريخية صنعاء تسليم قوائم ممثليهم التي تبدلت وتغيرت غير مرة من بعد توقيع اتفاقية ستوكهولم 2018م، بعكس الجانب المقيم في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن؛ لكن ممثل الأخير أصدر بياناً مفاجئاً باعتباره فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة تلبيةً ورضوخاً لاشتراطات أنصار الله (الحوثيين)!!
معاناة العقوبات
وكأن هدف الهدنة ليس تخفيف المعاناة الإنسانية عن ضحايا أبرياء لصراع الأشقياء.
متناسياً أن استشعار مجلس القيادة الرئاسي مسئوليته وإحساسه بمعاناة مواطنيه وإدراك المتاعب المادية والمعنوية والنفسية والصحية الناجمة عن مشاق السفر والتنقل بين المحافظات كانت حافز قبول الهدنة وفتح المطار وتيسير عمل الميناء.
من الضرورة بمكان انعكاس الأفق الوطني الشامل لكل اليمنيين على البيانات السياسية والإعلامية، وأن يتمثل موفدو السلطات التصريحات بأن مجلس القيادة الرئاسي برئاسة د. رشاد العليمي، والحكومة وبقية السلطات وهيئات الإعلان الدستوري، يتحملون كامل المسئولية عن كل اليمنيين من المهرة حتى صعدة.
وأن ينظر جميع المسئولين الشرعيين (وغيرهم) بعين المساواة لكل المحافظات اليمنية المحاصرة والمتضررة.
ومثلما يُستنكر أسلوب المَنِّ والمزايدة والتسييس مِن طرف دخيل على المسئولية يمتدح مقترحاته لفتح الطرق بأنها “عادلة ومنصفة” (من وجهته طبعًا!) نتيجة “تجربة ماضية أشعرته بالغدر” (…) فهو مُستنْكَرٌ أيضاً من طرف أصيل في المسئولية يصف مقترحاته وتصوراته بأنها “واضحة”.
ويغدو واضحاً أنه: “إذا المرء أسرى ليلةً ظن أنه .. قضى عملاً؛ والمرء ما عاش عاملُ” لذا لا يظن أحد أبناء “تعز وغيرها من المحافظات” المحاصرة أن جولة نقاشات عمّان منتهى الأمر بل مبتدأ الخبر عما سيرعاه مكتب المبعوث الأممي من نقاشات ستشكل مع تمديد الهدنة معابر السلام_لليمن، كون اللقاء المباشر “أمراً واعداً” حسب بيان غروندبرغ، ويتجاوب مع دعوة الدول السبع الكبرى من فرانكفورت (منتصف أيار) لفتح طريق الحوبان – تعز.
ولا ضير في أمل وعمل الفاعلين اليمنيين على تشجيع أصدقاء اليمن بمواصلة اتصالهم بالمؤثرين على أبناء اليمن لتعزيز بناء الثقة فيما بينهم، فيتضاعف الشكر على اهتمامهم وتركيزهم على معابر تعز وبقية المحافظات. وأن نتلقى خبر اتصال وزير خارجية واشنطن بنظيره في طهران شاكراً فتح معابر تعز وبقية المحافظات على غرار شكر القاهرة وعمّان استقبال رحلات صنعاء.