من تداعيات الموجة الارهابية الطائفية التي غزت العراق قبل سنوات – وقانا الله شرها الى الابد – ان المدن ما زالت خاضعة لتقسيمات مذهبية ووفقا لاجندات دولية استعمارية وربما داخلية حزبية ذات مصالح ضيقة انتخابية او اقتصادية ما .. فضلا عن كون تلك المدن غدت مغلقة الى لون واحد يفتقد الروح الطاوسية وجمال نسيجها الاجتماعي العام .. فان المساجد التي طالتها الاعمال الإرهابية آنذاك – للأسف الشديد – ما زالت مهدمة بل البعض استغلها لأغراض تجارية او ربما سكن او حتى مكان للانقاض كخربة ..
وقد ظلت على هذا الحال بعد مرور اكثر من خمسة عشر سنة دون تحرك جاد من قبل الحكومة والاوقاف او الأحزاب والكتل المسيطرة برغم شعارهم المكرور عن أهمية الوحدة ونبذ الطائفية … وما يتحدثون ويتبجحون فيه عن نسيان الماضي وانهاء الخلافات وازالت المسببات .. الا ان الحقيقة التي يعكسها حال المساجد والحسينيات وبقية عناوين بيوت الله وإمكان العبادة التي يفترض ان يذكر اسم الله فيها وتقام شعائره بحرية تامة .. ما زال جزء منها معطل مهدم كسير الخاطر ذات اثر حزين بقلوب المؤمنين .
منذ سنوات التقيت عدد من الشخصيات الحكومية والدينية والحزبية .. بصفتي الصحفية والرياضية والاجتماعية .. محاولا احياء موضوع إعادة بناء المساجد والحسينات والكنائس وبقية دور العبادة .. بكل المحافظات العراقية سيما التي تقع تحت سيطرة الدولة ويسودها الهدوء والامان .. لكن لم اجد آذان صاغية ولا رد مناسب ولا وعد بمتابعة ذلك .. كان الامر لا يعني اهل الشأن الذين يخطبون كل يوم تقريبا ويصرحون عن السلام والوئام والحرية والأمان والإسلام ..
دور العبادة بمختلف عناوينها ليست مقرات حزبية ولا دوائر حكومية ولا مؤسسات مجتمع مدني .. بل هي أماكن للتعبير عن الهوية الاعتقادية وحرية ممارسة الشعائر بين المخلوق والخالق بالطريقة التي يراها وفقا لمرجعياته واعتقاداته شريطة ان لا يكون لها أي اثر سلبي على السلم الأهلي وحرية المجتمع وبقية الأديان والمذاهب ..
هنا ينبغي التفكير الجاد بلغة عراقية واحدة عن ضرورة واهمية إعادة بناء المجتمع على أسس صحيحة بعد ذلك العصف الاجنداتي الخطير الذي طال الامة .. فهل من سامع مجيب لتاهيل بيوت الله لما تحمله من علامة وشائج ولحمة وطنية فضلا عن كونها رمز للحرية … فكم يبدوا المشهد قاتم كاتم حينما تكون الهيمنة للون واحد في مدينة ما على حساب بقية الأديان والمذاهب شريكة الوطن والأرض والتاريخ .. الاشد نكاية ان تكون تلك السطوة تحت اسنة الحراب فيما تمنع بالقهر دور العبادة عن أداء دورها المتمثل بالهداية والاستقرار والامن والسلام والوعي الذي فقدنا منه الكثير واكلت من جادته الاحداث اكثر .. حتى بلغنا ما بلغنها من سوء .. نسال الله يكفينا الشرور ويدفع عن بلادنا الاسوء اللهم امين ..