أعضاء مجلس النواب في العراق، وجوه تلفزيونية أكثر منهم وجوها نيابية لهم مهمات محددة تحت القبة التشريعية. هناك سيل كبير من التصريحات النيابية عبر شاشات الفضائيات بشأن مختلف القضايا، التي لم يعالج اغلبها في نقاش رسمي في البرلمان، وهذا لا يتيح انتعاش الحياة النيابية الحقيقية وتعزيز التشريعات، بقدر ما يفرز اثاراً جانبية لكلام يخلو من المسؤولية وتقدير المواقف المناسبة.
ما معنى أن نرى نوّاباً يُعلون الصوت بشأن نقص الخدمات في مستشفى في ذي قار أو الموصل أو الكوت، وذلك عبر شاشات التلفزيون، وكأنّهم يخاطبون الشعب بحثاً عن حل للإنقاذ من مسؤولين سيئين، في حين انّ العلاقة الصحيحة هي انّ الشعب يخاطب النوّاب بحثاً عن حل، أو انه يفترض انّ النائب يدخل البرلمان حاملا تخويلا بنقل الهموم والمشاكل.
كثيرا ما سمعنا تصريحات تشعل الأجواء وتصب الزيت على النار من نواب تحولوا لأبواق بشأن قضايا ليس لهم فيها اطلاع عميق، وهذا ينعكس سلباً على المتلقين من عامة الناس.
يمكن لدراسي الحياة النيابية في العراق ان يرصدوا ذلك النفر المعدود من النواب المدفوعين بأجندات سياسية لا خدمية، وحزبية لا وطنية، وقد شغلوا مساحات كبيرة في الاعلام سنوات عدة، في حين لا وجود لأغلبية النواب الاخرين من حيث الرأي والمداخلة المعمقة ذات التأسيس المعرفي للقضايا.
سيأتي يوم، تظهر فيه دراسات، لابدّ من جمع موادها منذ الآن، لكشف الأكاذيب التي حملت عناوين نيابية براقة، فيما تزداد أحوال الشعب الأساسية اهمالاً من البرلمان، الذي لم يشهد حملات كبيرة للتعبئة باتجاه انشاء مدينة عملاقة للطب مثلا، في بغداد أو مدينة عراقية منكوبة بسوء الخدمات الصحية، بقدر ما شهد حملات سياسية من اجل اقالة وزير في مناكفة سياسية او من اجل وضع عثرة أمام تشريع بدوافع جهوية.
هناك امراض متأصلة في العملية السياسية انتقلت بسهولة الى البرلمان، وأخرى مكتسبة بفعل عوامل عدة معظمها عقد نقص وخفة وزن وشعور بالدونية والنبذ أمام الشعب.