تحضرني دائماً قصة ذلك الانكليزي الذي اكتشف جزر هاواي بشعبها البدائي فوجدوه معجزة الزمان ، عندما أشعل سيجاره و أخرج الدخان من فمه سجدوا له ، فالدخان يخرج من فمه دون ان يحترق وعندما وضع يده في جيبه واخرجها معتقدين انه وضعها في بطنه دون أن يُصاب بجرح ، حتى قتلوه بسهم .
الحقيقة انه جهلهم وجهلوه والانسان عدو ما يجهل ومن يموت جاهلاً لا حياة له بعد الموت ، لذلك لم اجد شيئاً احب الى نفسي اكثر من المعرفة والسير في طريقها فأخذت من كل مذهب جوهره ومن كل فلسفة روحها ومن كل كتاب خلاصته ، ومن كل علم ما يعينني على محاربة جهلي به ، أن كل ما نحصل عليه في حياتنا هو الاعداد لما سنكون كل موقف نتعرض له تجربة ، وكل شخص اختبار حقيقي ، وكل عمل نقدمه هو جواز عبور لخبرات مهارات نجيد اتقانها الآن ، الحياة بكل تفاصيلها جلسة تدريب طويل كما قال بابلو .
كسر الهمة
فعندما نقرأ ونبحث ونحفر نتأرجح بين عوالم مختلفة وعجيبة لذلك علينا ان ننظر الى أنفسنا بسهولة وعفوية وتعامل ، بمحبة لأن كل شيء بقدر وكلاً مُسير لما خلق عندما يكون الاصرار عقيدة والارادة مذهباً لا شيء يعترض طريقك ، قد يصادفك من يكسر همتك و يضعف قدراتك بتلك النظرة القاصرة التي ستلاحقك ما عليك الا تجاهلها والعاقل فينا لا يفكر كيف يكون أفضل من الجميع ، بل أن لا يكون الأدنى منهم ، لكن أجمل ما في الأقدار أن تصادف اساتذة كبار يقدمون لك المعرفة بسخاء .
انهم اصحاب المواهب الروحية و الفكرية والفلسفية اساتذة يجعلونك تمزج كل ما تعلمته في حياتك في نسق واحد ليتحول عقلك من عقل مشتت الى عقل منظم وسليم ، والمسرح جامع الفنون والعلوم كُلها ، هو المزيج عصير الكتب الذي يقدم لنا المعارف وعلوم الجمال والفنون تاريخ الحضارات ، القصص والاساطير والحقائق والمذاهب والفلسفات بتعدد مدارسها والادب والنقد بمراجعه ومشاربه ، حتى التوغل في المعنويات والمذهب الصوفي ، انه مزيج سحري يُنمي تلك المعرفة الفطرية و ذلك لاستعداد للكشف والالهام والفاصل بين طبيعتك وطبيعة الاخرين ، الفن الحقيقي بطابعه الجمالي والانساني والدراماتيكي ، منذ عهد الاغريق والى يومنا هذا والذي يحتاج منا الى رصد وذاكرة حية تحليل وادخار معرفي حسب الاستعداد والاستحقاق الفكري . حينها ستعرف قيمة اساتذتك ومدربيك وكل من تعلمت منهم وانت على الطريق لذلك ابحث عن مُعلمك الحقيقي لأنه يُريك الصورة واضحة بعد أن تعجز عيناك و يضعُف إدراكك ، من يُمهد لك طريق المعرفة الحقة المعلم الحقيقي ، الذي يُخبرك إنك ستكون عظيماً إذ ما عرفت كيف تبني هرمك الحي من أضلاعه الميتة .