السياسة العالمية ، لا تتعامل في المبادئ ، ولا تعرف الاخلاق ، بل تتعامل في المصالح ، وما تتطلبه المنافع !
ربما يستغرب القارئ ، عن ما هي العلاقة بين العراق والفليبين ، حيث لا تربطهم حدود ، ولا دين ، ولا لغة ، ولا تاريخ ، وهذا صحيح ، ولكن الذي يربطهم ، هو الأحداث التي جرت مؤخرا في الفلبين ، واحتمال تطبيقها على العراق !
الفلبين ، دولة مستقلة ، مكونة من مجموعة جزر ، وكانت تحت السيادة الاسبانية التي انسحبت منها ومن جزيرة كوبا عام 1898 , حيث نالت استقلالها ، وأصبحت تابعة اداريا وسياسيا تحت السيادة الامريكية ، وكان المفروض ان تصبح احدى ولايات امريكا ، ولكن مع التطورات التي حصلت خلال وبعد الحرب العالمية الثانية ، تنازلت أمريكا عن الفليبين ، واصبحت الفليبين دولة مستقلة عام 1946 , مع بقاءها ذات ولاء أمريكي ، وبقاء القواعد العسكرية الامريكية فيها ، وبقاء الهيمنة الامريكية الاقتصادية .
ولبضعة عقود ، تم تعين حكومات وتنصيب رؤساء ، جميعهم من الموالين لامريكا ، والمعادين للحركات اليسارية والشيوعية .
ثم جاءت فترة اسناد ودعم حكومات دكتاتورية دموية في عدة بلدان ، لضمان عدم سيطرة الاحزاب اليسارية والشيوعية المدعومة من قبل الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الاشتراكي ، ومن هذه الدول مثلا ايران ، والفليبين ، والعراق ودول امريكا اللاتينية .
وهكذا استلم الكولونيل فرديناند ماركوس ، رئاسة الفلبين ، واعلن الاحكام العرفية في السنوات الاخيرة من حكمه ، وساد حكمه اضافة الى الدكتاتورية والحكم العسكري ، السرقة والفساد ، وانعدام الخدمات ( 1965 – 1981 ) .
ثم اضطرت أمريكا الى تغير نظام الحكم في الفلبين ، من نظام دكتاتوري الى نظام المفروض فيه نظام ديمقراطي بموجب انتخابات نزيهة ، مع التعهد بعدم عودة نظام ماركوس الى الحكم ، ولكن الحقيقة ، سلمت الحكم الى قادة عسكريين ومدنين ، فاقوا في فسادهم حكم ماركوس .
وبدأ الحكام الجدد التمرد على ولي نعمتهم ومن جاء بهم ، مما وضعت امريكا مجددا في موقف وحاجة ضرورية لتغير نظام الحكم ، ولكن من هو الرئيس الجديد ، انه ابن الرئيس السابق الدكتاتور فرديناند ماركوس ، الذي يحمل اسم فرديناند ماركوس الابن ، وسيباشر مهامه خلال ايام .
فهل وصلت الرسالة ؟
ونعود لوضع عراقنا وشعبه الابي ، حيث اخرجته أمريكا من حكم دكتاتوري دموي دام 40 عاما ، لتسلمه الى شلة من الحرامية والفاسدين .
وبعد حل واجتثاث البعث ، ووعود أمريكا بان البعث لن يعود للحكم ، فهل هذا الوعد سيطبق ؟ واذا كان كذلك ، فما معنى المؤتمرات والتحضيرات التي تجري بين مدة واخرى؟
حكام العراق وقادته ومسؤوليه وسياسيه ، لم يفكروا كثيرا في نتائج درجة فسادهم الذي وصل لحد ” الفرهود ” ، حيث أهملوا الاعمار والبناء والخدمات والمشاريع ، لدرجة :
– استيراد الكهرباء من دول الجوار ، والعراق غني بالنفط والغاز .
– شحة مياه نتيجة تقليص حصة مياه دجلة والفرات من تركيا ، والروافد من ايران ، وعدم انشاء سد واحد خلال نصف قرن .
– حالة تصحر أثرت على الثروة الزراعية ، نتيجة عدم انشاء مشاريع ري وبزل .
– انعدام الخدمات بصورة عامة ، وبجميع أشكالها .
وتدور الشائعات حاليا ، بان من جاء بهؤلاء الحكام والقادة والمسؤولين والسياسيين ، يسعى الى تغييرهم قريبا ، ونجد حاليا المطابخ السياسية المسؤولة عن العراق ، تعمل بهمة وبنشاط من أجل هذا الهدف ، وهناك مؤتمرات في العلن وفي السر ، تجري هنا وهناك ، مع دعاية اشراك أشخاص من النظام السابق ، ومن أشخاص المعارضة الجديدة للنظام الحالي القائم ، والمقيمين في العاصمة الامريكية ، وفي عواصم دول الجوار .
وعاد اتباع الحزب الحاكم في النظام السابق ، الى نشاطهم بشكل علني مع تمويل كبير وامكانيات اكبر ، بدعم من جهات دولية واقليمية !
فهل وصلت الان الرسالة بشكل أوضح ؟