قلق من نوع جديد يعيشه طيف واسع من المجتمع ، وربما هو الاكبر ، واعني به جيش العاطلين عن العمل ، الذين يشكلون مساحة واسعة من المجتمع الى جانب المعوزين والمعدمين وصغار المتقاعدين ، فهذا الطيف ، لا يقوى على التبضع ، وشراء ما يتمناه ، وتتمناه عائلته ، ومثالي على ذلك ، هوما يشاهده هذا الطيف يوميا في ذهابه ومجيئه ، واثناء مروره في الاسواق ومحال القصابة ، انواع من اللحوم الطازجة ، فهو يطلق زفرات الحسرة ، حيث تنتصب امامه تحذيرات وزارة الصحة التي تشير يوميا عبر وسائل الاعلام الى مرض الحمى النزفية التي يزداد رقم الاصابة بها ، وانتشارها في العراق ، وهو مرض مميت تسببه المواشي والخراف المصابة ..
وأمام هذا القلق ، وفي تصور نفسي ، اتجه هذا الطيف الى اللحوم المستورد ، وكله أمل ، انها خالية من الامراض ، وأمينة صحيا ، وكلفتها أقل ، ويمكن للعائلة تمشية امورها الغذائية ، لكنه فوجئ أن اسعارها تضاعفت .. فقفل هذا الطيف راجعاً ، خائباً ، فهو أسير بين رحى امراض اللحوم المحلية وسندان غلاء اللحوم المستوردة !
فهل من حل لهذا الطيف الذي يعيش في دولاب مهزوز على هامش الحياة ، ويعاني الكثير من المشكلات الاقتصادية والنفسية ، فتلبسه القلق ، وانعدام راحة البال ..
لقد أشرت الى جزئية بسيطة ، وهي الغلاء الذي طرأ على اسعار اللحوم المستوردة ، وهي النافذة الغذائية الوحيدة لمطبخ الفقراء ، لكن في الافق امور لا تخفى على من يدرك الانسانية ، وخصائصها .. فحياة المواطن العراقي ، ينبغي ان يكون لها مستوى مبن على قدرة الفرد على التعايش مع الغلاء ومكافحته ، وكذلك تطلعات نحو التعليم والصحة والسكن والحرية ، فكلما زادت الاسعار صعب على الفرد ان يتعايش ، وأن يواكب يومه ، فمشكلة غلاء المعيشة في تفاقم واضح ، وما تزال البطاقة التموينية تراوح في مكانها ، بين الوعود والاعلام والواقع ، و انني اخشى ان ينتج عن هذا الواقع فجوة كبيرة بين أفراد المجتمع ومن بيدهم الامر.
بمختصر السطور اقول : لا بد ان تكون هناك حماية ، ولاسيما للفقير من تقلبات الاسعار ووضع حد لمن يزيدها بلا مبرر ، فالفقر اذا استفحل دون إجراءات انسانية ، يصبح أبا الجرائم كلها وهو الذي يصنع لصوص الحاجة ، كما ان الفقر يقضي على جميع الفضائل.. (وادعوكم الى مشاهدة اللقاءات التلفزيونية الجماهيرية اليومية في البرامج المباشرة ، فهي خير دليل عن الطيف الذي حدثتكم عنه) ..
ودمتم.