صيف العام 1980 كنت اسير على شاطئ أوستيا في وسط روما.. حيث كان الصيف حارا جداً.. وقد امتلئ شاطئ النهر بعشرات الفتيات.. وهنً في البكيني.. وكان كل نظري على هذه الاجساد

واذا بأحدهم يدعمني برفق ويسحب يدي ويحدق في كفي.. نظرتُ اليه فاذا هي عجوز شمطاء..حدقت ايضا بوجهي

وقالت: سترشح الى منصب رفيع.. وامامك طريقان: الايمن أحمر.. والأيسر أخضر.. فان وافقت مصيرك الاعدام.. وان رفضت تصل الى الكيلو 86

قلتُ ونفسي: انها دجالة.. وهؤلاء هم فتاحوا الفال وقراء الكف يفتشون من يشكون من هيئته وملابسه انه برجوازي وغريب لإيقاعه بحبالهم

تركتها وسرتُ في الاتجاه المعاكس.. لكنني وجدت نفسي أمامها.. أسألها: متى يتم ذلك؟

اعادت النظر في كفي ووجهي.. وقالت: بعد ستة أيام أو ستة أشهر.. وسحبت من حقيبتها كارتها ودسته في يدي.. وقالت قد تحتاجه.. وتركتني

بعد خمسة أيام أتصل بي في منتصف الليل صلاح البزاز (شقيق الاعلامي المعروف سعد البزاز).. الذي كان يعمل على الفاكس في السفارة العراقية في روما.. وأبلغني : يريدوك في الوزارة غدا في بغداد

وصلت بغداد بعد ستة أيام كما قالت لي قارئة الكف.. المهم ذهبتُ عصر نفس اليوم الى بيت صديق لي من الكلية.. وعائلته من اقطاب النظام الملكي.. وطلبتُ رأي أمه بشكل خاص فقالت: عليك ان لا ترفض فيعدموك .. اطلب شيئاً كبيراً وحقيقياً يجعلهم هم يرفضون ترشيحك

وفي الموعد في صباح اليوم التالي كنت في القصر الجمهوري.. وخلال المقابلة: بينت انني لا أصلح ولن أنجح في اي عمل سوى في مسؤولية الاعلام أو الحقل الدبلوماسي الخارجي.. وطبيعيا لا يمكن ان اكون في اي من هذين المنصبين فهما للكوادر الحزبية.. وانا موظف تكنوقراط

رجعتُ الى روما.. والتقيت صاحبتي قارئة الكف (كاميرا) في مكتبها.. فوجئت بصور معظم رؤساء دول العالم.. وهي مع كل واحد منهم.. فتبين انها عالمة فلك معروفة.. والتقت هؤلاء الرؤساء والحكام والملوك لقراءة مستقبلهم

المهم قالت لي: عندما كنت أمامي في منطقة أوستيا شعرت بانجذاب نحوك وعندما نظرت اليك عرفت انك ستعدم.. لهذا قمت بما املاه عليً ضميري.. ضحكنا.. وسحبت يدي ايضاً وقالت بعد مدة سيعاقبوك وينقلوك الى بغداد.. فأحذر ان تقبل منصبا

وهذا ما حدت.. فقد صدر أمر تعيني مديرا عاما للدار الوطنية للتوزيع والاعلان في وزارة الاعلام.. لكنني اعتذرت ولم أباشر.. وبعد فترة قصيرة احلت على التقاعد

في حزيران / يونيو / العام 1984 عينت مديرا في مركز التوثيق الاعلامي لدول الخليج العربي (وهو منظمة اقليمية تابعة لجامعة الدول العربية)

– بعد مدة قصيرة اوفدني المركز الى تونس لأمثله في مؤتمر للجامعة العربية.. ومن هناك اتصلت بكاميرا لأتأكد من وجودها للذهاب الى روما بعد المؤتمر ضحكت وقالت: أنا سأكون في تونس بعد يومين وألتقيك في فندقك ( انترنشنال افريكا) الذي تنزل به.. وانا انزل به دائماً

– بعد وصولها الى الفندق: نظرت الى كفي.. وحدقت مليا في وجهي.. وقالت: بحار من الدماء ستخمر بلدكم.. قلت لها نحن الان في حرب وبلدنا بحر من الدماء

قالت أبدا أنا انظر المستقبل وليس اليوم وستمر بلدكم في سنين عجاف وحرب مدمرة .. ويستمر بحر الدم في بلدكم ولن يتوقف الا بقتل العفريت.. الذي دخل بلدكم

ثم حدقت ثانيةً في وجهي ملياً.. وقالت: ستكون عائلتك الكبيرة على كف عفريت.. وبلدكم في خطر.. وتلتف حوله الأفاعي من كل مكان.. وبحار من الدماء ستغمر بلدكم

قلتُ لها: نحن الآن في حرب مع إيران.. وبلدنا بحر من الدماء.. قالت أبداً: أنا انظر الى المستقبل.. وليس ما يجري الآن.. وأضافت: كما ستمر بلدكم في سنين عجاف وحروب مدمرة.. ويستمر بحر الدم في بلدكم.. ولن يتوقف إلا بقتل العفريت الذي دخل بلدكم

ومرت السنين.. وتوقفت الحرب مع إيران.. ثم دخلنا حرب الكويت.. والانتفاضة الشعبانية.. في آذار / مارس / العام 1991.. ثم الانتفاضة الكردية في كردستان.. ونزيف الدم مستمرأ بلا توقف

ومرً بلدنا في سنين عجاف (حصار اقتصادي شامل ومقيت منذ 1991 الى 2003).. ونزيف الدم لم يتوقف فهجمات.. وقصف الطائرات الأمريكية على بغداد ومدن العراق بين آونة وأخرى.. ونزيف الدم مستمراً

وقامت الحرب من جديد في اذار 2003 واحتل العراق في 9 نيسان / أبريل / العام 2003

ثم دخل صدام السجن.. ولم يخرج منه أبدا.. كما قالت كاميرا

وماتت كاميرا.. واستمر نزيف الدم دون توقف.. فدخل الإرهاب بلدنا.. ثم اندلعت الحرب الطائفية والقتل على الهوية.. وعمت التفجيرات كل مدن العراق حتى في صحرائه

ثم دخلت داعش واحتلت محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين.. وجزءً من ديالى.. وجزءً آخر من كركوك.. ووصلت لمحيط بغداد.. واستمر بحر الدم يجري بغزارة في العراق.. ومن دون توقف.. وبغداد في خطر وداعش على الابواب.. فتحققت نبوءة كاميرا كاملةً..

فيما كان سياسيونا الكبار مستمرون يناقشون الأزمات السياسية.. ولم يحلوها بل زادوها تعقيداً.. وهاجس كاميرا يقلقني باستمرار.. وأردد مع نفسي: من يقتل العفريت ؟

وتشكلت الحكومة حيدر العبادي.. ثم بدأت عمليات تحرير المحافظات التي اختطفها داعش.. فالعائلة الكبيرة (شعب العراق) على كفِ عفريت.. الذي جاءنا من خارج البلاد.. كما قالت كاميرا

والعراق حتى اليوم مازال ينزف دماً.. وتغمره بحار من الدم.. وحتى لو نظفنا كل العراق من الدواعش.. سيستمر بحر الدم ينزف في بلدنا.. ما دام وجود آلاف الدواعش في السجون.. فلا بد أن ننفذ أحكام القضاء بحق الدواعش المحكومون بالإعدام بأحكام قطعية

– وطردنا داعش.. وعاد لنا بلباس جديد.. يشارك في العملية السياسية وفي حكمنا

فمن سيوقف بحار الدماء.. ويقتل العفريت.. ونرفع راية السلام في بلدنا ؟.. أم ماذا ستؤول إليه بلادنا وشعبنا وسياسيينا الأجلاف ؟؟؟؟ اللهم إني بلغتُ .. اللهم إني بلغت

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *