أعلن البنك الدولي في تقرير له عن التعليم في العراق ان نحو 90 بالمئة من طلبة العراق لا يفهمون ما يقرؤون لافتاً الى ان اضطراب الأوضاع قاد الى نظام تعليمي عاجز عن تقديم المهارات الأساسية الى الطلاب والتي تشكل أساس التعليم وتنمية المهارات وأضاف البنك في تقريره ان أحدث تقييم لمهارات القراءة والرياضيات للصفوف الأولى كشف انه حتى الصف الثالث لم تكن الغالبية العظمى من الطلاب الذين تم تقييمهم قد اكتسبوا بعض المهارات الأساسية الكافية وان أكثر من 90% يعجزون عن فهم ما يقومون بقراءته ولم يتمكن ثلث طلاب الصف الثالث من الإجابة بشكل صحيح عن سؤال واحد حول احد النصوص المناسبة لأعمارهم قرؤوه لتوهم , ولم يتمكن 41 بالمئة من طلاب الصف الثالث من حل مسألة طرح حسابية واحدة , وذكر التقرير أن ما اشرنا إليه من نتائج التعليم المتدنية تبرز الحاجة الماسة الى التركيز حسب الأولويات على الطلاب من الفئات الأكثر احتياجاً والمعرضين لخطر التخلف عن الركب والتسرب من التعليم حيث زادت نسب تسرب الطلاب من المدارس الابتدائية ولم يكمل التعليم سوى نصف الطلاب من الفئات الأشد فقراً كما أشار البنك الى موافقته على مشروع جديد بقيمة 10 ملايين دولار لدعم الابتكارات من اجل التعليم في ثلاث من المحافظات المتأخرة في التعليم .
سلطة ونفوذ
فماذا يعني هذا يا وزارة التربية ويا حكومتنا ويا أحزاب السلطة وقياداتها التي تتصارع على المناسب والمغانم والسلطة والنفوذ وتترك تقديم الخدمات للشعب انه بكل بساطة يعني الكارثة الكبرى والمؤامرة التي يشترك فيها جميع من تسلط على العراق وشعبه خلال السنين الماضية وتسبب في تدمير العملية التعليمية التي كانت في يوم من الأيام من أحسن وأنجح عمليات التعليم في المنطقة العربية ودول العالم الثالث وأكثرها رصانة وتطوراً وكانت الجامعات الأوربية والأمريكية تفضل الطلبة العراقيين الراغبين في الدراسة فيها على غيرهم من طلاب الدول العربية ودول العالم الثالث لان مستوى التعليم متطور في العراق فما الذي جعل مستوى التعليم في العراق ينحدر الى الهاوية ؟ أسباب عديدة وراء هذا الانحدار بعضها أشار إليها تقرير البنك الدولي وهي اضطراب الأوضاع في العراق وبعضها نتاج عملية سياسية كسيحة وأحزاب سياسية فاشلة وفاسدة أحرقت الأخضر واليابس همها المناصب والمكاسب والسلطة والنفوذ دمرت كل شيء في العراق واهم مادمرته التعليم بكل مستوياته أساس تقدم وتطور الأمم حتى خرج العراق من التصنيف العالمي لجودة التعليم وتذيلت الجامعات العراقية التصنيف العالمي للجامعات في العالم وازدادت نسب الأمية التي استطاع العراق في سبعينيات القرن الماضي القضاء عليها وازدادت نسب التسرب من المدارس واصبحت المدارس والجامعات منابر سياسية للأحزاب ودينية للمعممين.
مناصب وزارية
وكل الذي حدث بسبب سيطرة أحزاب السلطة على مناصب وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي التي أسندت لغير المؤهلين وغير المهنيين وغير المتخصصين وفق المحاصصة الحزبية والطائفية التي شملت المدراء العامون وحتى مدراء المدارس وأبعدت الكفاءات الأكاديمية والعلمية الخبيرة والمجربة عن اخذ دورها في خدمة العملية التعليمية وتطويرها وغياب التخطيط للمشاريع التربوية والتعليمية وتدني مستوى المعلمين والمدرسين والجيد منهم أهمل أداء واجباته وانساق وراء الدروس الخصوصية وتهالك المدارس والجامعات والبنى التحتية الأخرى والنقص الكبير في المدارس الذي أدى الى نظام المدارس الثنائية والثلاثية وازدحام الصفوف الدراسية بالطلاب مما يصعب تعليمهم والسيطرة عليهم والنقص الكبير في الكتب والقرطاسين ومستلزمات الدراسة الأخرى والتغيير المستمر للمناهج الدراسية دون تخطيط وغياب المتابعة والإشراف التربوي وتقييم عناصر العملية التعليمية وازدياد المدارس الأهلية التي لا تتوفر في بعضها معايير المدارس النظامية والفقر وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وازدياد الاعتداءات المتكررة على الكوادر التعليمية وعدم متابعة العوائل لأبنائها والفساد والرشا وما تسرب أسئلة الامتحانات الوزارية للدراسة المتوسطة والإعدادية كل عام إلا دليل فاضح على حجم الفساد المستشري في وزارة التربية والتعليم الذي ينخر أغلب مفاصل الوزارة .
ان تقرير البنك الدولي مؤشر خطير على انحدار وتدهور العملية التعليمية في العراق يتطلب تضافر جهود كل الجهات المسئولة وأولها الحكومة ووزارة التربية وكل الخبراء المتخصصين والأكاديميين الوطنيين لتصحيح المسار أولاً ومن ثم العمل الجاد لتطوير التعليم من خلال التخطيط الصحيح الذي يتضمن وضع المناهج الدراسية الملائمة لكل مرحلة وتدريب المعلمين ورفع مستوياتهم وتامين المستلزمات الضرورية لنجاح العملية التعليمية من مدارس حديثة تتوفر فيها كل متطلبات التعليم الجيد وكتب وقرطاسيه وأثاث وملاعب رياضية ومختبرات ومطاعم ومرافق صحية وماء صالح للشرب وإعادة العمل بالتغذية المدرسية والتأكيد على إجراء المسابقات العلمية والفنية والأدبية والرياضية ومساعدة الطلبة الفقراء مادياً وزيادة الإشراف والرقابة المستمرة على تنفيذ المناهج وعلى مستويات المعلمين ومنع الدروس الخصوصية وإبعاد المدارس عن النزاعات العشائرية وتهديد الكوادرالتعليمية وتأمين الحماية لها وتوفير كل ما يؤمن الجو الدراسي للطلاب .