في السياسة يجب ان يستخدم العقل في رؤية الامور والقضايا، وان تكون العين بعيدة عن هذه الرؤية، ومن يستخدم عينه من السياسيين دون العقل فهذا اكيد سياسي اخر ( وكت) يعني ( دمج) وما اكثر ( المدمجين !)، لا اريد ان اطيل عليكم في التمهيد لصلب الموضوع؛ الا وهو استقالة جميع نواب التيار الصدري، واعتقد ان المتتبع للأحداث السياسية في العراق خصوصا بعد اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة؛ وحصول التيار الصدري على ( 73) مقعدا في مجلس النواب، ومن ثم تحالف السيد مقتدى الصدر مع السيد الحلبوسي والسيد البرزاني ليشكلوا تحالفهم الثلاثي، ولكن هذا التحالف فشل في اختيار رئيس جمهورية للبلاد وايضا اختيار رئيسا للوزراء، ليعطي بعد ذلك السيد الصدر مهلة ( اربعين) يوما للأطار من اجل اختيار رئيسا للبلاد و تشكيل الحكومة؛ وبدوره الاطار فشل في ذلك، ليبادر السيد الصدر مرة اخرى ويعطي مهلة (14) يوما للمستقلين لعل وعسى ينجحوا في ما فشل فيه التيار والاطار، ولم يكن نصيب المستقلين سوى السير على خطى التيار والاطار في هذا المسعى، والفشل في مهمة اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ومن المفيد ان نستذكر ماذا قال السيد الصدر في خطابه للكتل والاحزاب السياسية، حيث قال وبالحرف الواحد؛ انه اذا لم ينجح في تشكيل الحكومة فانه سوف يعمل ببعض الخيارات ؛ومن هذه الخيارات المعارضة او التصعيد بشكل لايتمناه، وانه مستعد (للمواجهة) ، وفي خطابه الذي اعلن فيه انسحابه من العملية السياسية وتوجيه نواب كتلته ( الكتلة الصدرية) بتقديم استقالاتهم، وهذا يعني ان السيد الصدر سوف لن يكون معارضا (سياسيا )بل معارضا ( شعبيا) ، لقد كان السيد الصدر واضحا وصريحا جدا، حيث اعلن امام الله والناس انه (ابريءذمته)، ثم يكمل مذكرا الناس بعائلة الصدر الكريمة وهي (كريمة دون ادنى شك)، وانه وريث المقاومة والسيف البتار، وكثيرة هي الامور التي ذكرها السيد الصدر من شجاعة وقوة وصلابة.
في المقابل نرى بعض الكتل السياسية وخصوصا كتلة الاطار ؛ اخذت تعد العدة للأستفادة من استقالة نواب التيار، وتعويضهم بنواب جلهم من الاطار والقريبين منه، وهم بذلك اي( الاطار) جهزوا انفسهم للتفاوض مع من تبقى من الكتل والاحزاب السياسية لتشكيل الحكومة، ولو كنت مستشارا او صاحب رأي في الاطار، لنصحتهم بعدم المضي في التفاوض لتشكيل الحكومة، وعليهم النظر الى الامور بالعقل لا بالعين، لان الامر ليس بهذه البساطة.
اعتقد ان السيد الصدر لم يقدم على خطوة استقالة جميع نوابه عبثا، بل جاءت هذه الخطوة كمقدمة لخطوات عديدة.
ولعل اهم خطوة من الخطوات العديدة؛ هي تبنيه لمعارضة شعبية، نعم المعارضة الشعبية هذه المعارضة سوف يقتحم فيها المنطقة الخضراء، مثلما حصل عام 2016 وكلنا نتذكر ( القنفة)، فأذا ما دخل السيد الصدر المنطقة الخضراء مع انصاره، فأنه سوف يعلن من هناك عن انتهاء ما يسميه ( النظام الفاسد)، وسوف يعلن حكومة انقاذ وطني، تمهيدا لاجراء انتخابات ، وربما سوف يعلن التحول الى النظام الرئاسي.
هذه الخطوة ( اقتحام المنطقة الخضراء) المفروض لم تكن غائبة عن نظر ورؤية عقل الاطار، وعليهم ان يحددوا جيدا وبمنتهى الدقة ما الذي سوف يقومون به ،لو اقدم السيد الصدر على هذه الخطوة، وهو سوف يقدم لامحالة ولاشك في هذا الامر اطلاقا، لان السيد الصدر ليس مستعدا ان يقدم (73) مقعدا الى الاطار على طبق من ذهب ولؤلؤ ومرجان وياقوت، الا اذا كان يهدف الوصول الى جبل الذهب واللؤلؤ والمرجان والياقوت عن طريق تقديم هذا الطبق.
واذا ما حصلت مواجهة (لا سامح الله) ، بين التيار والاطار ، فأن العاصمة ووسط وجنوب العراق سوف يحترق، وهذا الاحتراق سببا لأعلان اقليم غربي العراق، وليس هذا فحسب بل حتى جنوب ووسط العراق سوف يتحول الى اقاليم، وذلك بمباركة المساعي ( الاممية الامريكية).
هذه هي رؤية العقل لما سوف يحصل، واتمنى من الله صادقا ان يكون عقلي كفيفا اعمى مجنونا، حتى لا نبصر ونرى و( نشوف) الماسي الكبيرة والجسيمة القادمة.