بعد ثلاثة عقود من العمل في التعليم العالي في العراق و في دول عربية أخرى
تقاعد صديقي و زميلي عن العمل، وفي النفس بضعة ملاحظات أود التذكير بها :
١. فقط في مؤسسات التعليم العالي العراقية حين يُحال أستاذ الجامعة على التقاعد تتم مطالبته بتسليم هوية الكلية ؛وبعكس ذلك لا يتم ترويج معاملته التقاعدية؛ ولا يتم تزويده ببراءة ذمة بينما في كل دول العالم تفتخر الكليات ان يحمل استاذا ذا لقب علمي كبير هويتها … وكم هو مؤلم ان يقوم موظف بسيط في إدارة الكلية بإسترجاع هوية بروفيسور خدم الكلية عقودا من الزمن ؟؟!!… بل وصل الحال في بعض الكليات ان تخلع باج الكلية من سيارة الاستاذ المتقاعد لحظة مغادرته للكليته التي أفنى فيها عمره.
٢. الدراسة المسائية
رأس مال الكليات والجامعات في الدراسات المسائية هو التدريسي الذي لولاه لا يمكن لاي مؤسسة أكاديمية استحداث دراسة مسائية ؛ولكن لو راجع أي مسؤول قيادي في وزارة التعليم العالي قوائم رواتب الدراسة المسائية لاي جامعة سيجد ما يلي:
لرئيس الجامعة حصة الاسد في راتب شهري عالي يليه مساعدوه و أمين مجلس الكلية وبعض مدراء أقسام الجامعة و موظفو مكاتب هؤلاء وسواقهم… ثم ننتقل الى الكلية لنجد ان حصة الاسد في الرواتب للعميد ثم المعاونين و أمين مجلس الكلية ثم رؤساء الاقسام والمقررين و ما يتبقى يوزع على التدريسيين …. فهل في ذلك عدل و إنصاف ؟
ولماذا يتقاضى العمداء و رئيس الجامعة رواتبا عالية حتى اثناء العطلة الصيفية مما يرهق ميزانية الدراسة المسائية وكل ذلك على حساب أجور الاساتذة.
٣. الكليات والجامعات الأهلية :
بعد التقاعد لجأ معظم أساتذة الجامعات العراقية الى العمل في الكليات والجامعات الاهلية لكننا فوجئنا بما يأتي:
.. معظم الكليات الاهلية تستغل الاستاذ الجامعي أبشع استغلال فهي لا تعترف بالنصاب القانوني للتدريسي بحسب لقبه العلمي؛ والذي حددته وزارة التعليم العالي بحيث يقوم بعض التدريسيين من حملة لقب الاستاذية بتدريس أكثر من عشرين حصة في الاسبوع، وفي ذلك مخالفة قانونية و إنسانية صريحة.
قانونيا: نصاب الاستاذ ٤ ساعات اسبوعيا
إنسانيا: اذا كان اختصاص الاستاذ نادرا ولا بديل عنه يجب تعويضه ماديا عن جهده الاضافي بصرف اجور محاضرات اضافية له… لكن معظم الكليات الاهلية تأكل حقوق تدريسييها بدون وجه حق.
_________________
بعض الكليات الاهلية تكلف التدريسي بالتدريس في الدراسة المسائية اضافة لعمله في الدراسة الصباحية وبدون اي مقابل مادي .. وفي ذلك إرهاق بدني و فكري للاستاذ وضياع لجهوده …
بعض الكليات الاهلية لا تصرف لرئيس القسم او المقرر أجور المنصب اسوة بالكليات الحكومية ..و بعضها يصرف ذلك ولكن بمقدار نصف ما تصرفه الكليات الحكومية فهل هذا مقبول ؟..
بعض الكليات الاهلية لم تصرف الاجور كاملة لتدريسييها و اغلبها صرفت ما مقداره 50% من الراتب الشهري من دون ان تعطي التدريسيين إقرارا يضمن لهم حقوقهم حال إكتمال دفع الطالب لاجور الدراسة..
فبعض الكليات الاهلية تطلب من التدريسي ان يوقع امام اسمه على انه استلم راتبه كاملا وتسلمه نصف الراتب فقط.
كل هذه الملاحظات تجعلنا نتسائل … لماذا لا يتم إلزام الكليات الاهلية بتسليم مستحقات التدريسيين بشكل منتظم كل نهاية شهر و عبر بطاقة الكي كارد كما هو معمول في الكليات الاهلية في اقليم كردستان ؟..
كم أتمنى أن يقوم معالي وزير التعليم العالي شخصيا بزيارة الكليات الاهلية واللقاء بكوادرها التعليمية بعيدا عن أنظار المستثمرين ليكتشف بنفسه حقائق صادمة .. فلا زالت بعض الكليات الاهلية بلا خدمة الانترنت بالرغم من ان التعليم أصبح الكترونيا… حيث يقوم الاساتذة بارسال المحاضرات من منازلهم . والحقيقة الاكثر مرارة هي عدم وفاء معظم الكليات بالتزاماتها تجاه التدريسيين فمنها من خفضت الرواتب ٥٠% واخرى تصرف الراتب بعد مرور شهرين او اكثر واخرى تمتنع عن صرف اجور المحاضرات الاضافية للتدريسيين.

اللهم أنعم علينا بجودة و رصانة التعليم ..
و ابعد عنا شرور التهديم و التحطيم و الإقليم..

ا.د.ضياء واجد المهندس مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *